خرافة الولاية.. إكمال الدين والتبليغ (الحلقة 19)
سلسلة حلقات تنشرها وكالة 2 ديسمبر، من ملف بعنوان (خرافة الولاية)، وفيما يلي الحلقة التاسعة عشرة..
آية إكمال الدين: المقصود قوله تعالى "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" المائدة 3. يعتقد الشيعة أنها نزلت في غدير خم بعد حديث الولاية. ليؤكدوا معتقدهم أن الدين وتمامه ولاية علي. ويمكن إيراد الملاحظات التالية:
•الاستناد في سبب النزول لدى الشيعة على كتب تاريخ.
•الأحاديث الواردة في تعيين وقت نزولها تشير إلى نزولها في حجة الوداع. لكنها لا ترتقي لدرجة الصحة عند أهل الحديث.
•طالما من الصعب تحديد سبب النزول أو تعيين وقته بناء على أحاديث صحيحة فالمناسب الرجوع لسياق الآية نفسها وما قبلها وبعدها، حيث أن عبارة "اليوم أكملت...." هي جزء من سياق آية تتحدث عن شعائر دينية، كما هو حال الآيات قبلها وبعدها، بل إن سياق الآية التي قبلها يوحي بما ورد في أن نزولها كان في حجة الوداع أو قبلها، وفي كل الأحوال ليس بعدها، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ" المائدة 2. وليس في الآية وما قبلها وبعدها ما يشير بأي قدر للولاية.
آية التبليغ: المقصود قوله تعالى " يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" المائدة 67، يقول الشيعة إنها نزلت كذلك في حادثة الغدير، كون الآية مع آية إكمال الدين في نفس سورة المائدة وبينهن 64 آية، ما يوحي أن الآيتين وما بينهما كلها نزلت دفعة واحدة. ويمكن إيراد الملاحظات الآتية:
•إذا كانت الآيات نزلت دفعة واحدة فكان الأولى حسب استدلالات التراث الشيعي أن تكون آية إكمال الدين لاحقة لآية التبليغ وليس قبلها، فالمنطقي أن الله وجه النبي أولاً بتبليغ المسلمين ولاية علي، وبعد تبليغه في حديث الولاية، تأتي آية إكمال الدين لكن الواضح من سياق الآيات وموضوعاتها أنها لم تنزل دفعة واحدة.
•الروايات الحديثية عن سبب نزول آية التبليغ مختلفة تجمعها أنها في مجال رفع الحراسة عن النبي. وتختلف في الإشارة لوقت النزول. فروايات توحي بنزولها في المرحلة المكية بإفادتها أن أبا طالب كلف من يحرس النبي حتى نزلت هذه الآية. وأخرى تفيد أنها نزلت أثناء المرحلة المدنية وهذا ما تؤيده خصائص السورة، والأحاديث الأقرب للصحة في سبب النزول. وما يمكن استنتاجه من الأحاديث عن سبب النزول إن الآية نزلت قبل حجة الوداع، كما أن هذا قابل للاستنتاج من عبارة "والله يعصمك من الناس" فأثناء وبعد حجة الوداع كان محيط النبي الاجتماعي محيطاً تابعاً لا معادياً، ومستوى الأمن لشخصه مرتفع، قد يقال لكن في محيطه هذا منافقون، نعم بيد أن المنافقين كانوا موجودين في كل الأوقات، ولم تسجل السيرة محاولات اغتيال النبي من المنافقين.