ليس سهلاً على التاريخ أن يروي معركة أو ينصف رجلاً لديه شجاعة أسطورية كالزعيم الشهيد علي عبدالله صالح في أيامه الأخيرة، وبعيداً عن تفاصيل كثيرة لا يمكننا أن نذكرها في عشرات الكتابات، نقف عند لحظة فاصلة كشفت فيها الأكذوبة الكبرى: "دعم المجتمع الدولي لليمنيين وحربهم المشروع الإيراني"، التي فضحتها وعرَّتها معركة الزعيم ضد المليشيا الحوثية، وهي أكثر من مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت معركة وعي، وكرامة، وفضحاً شاملاً للزيف الدولي والتواطؤ الإقليمي.

في تلك الساعات العصيبة، كان العالم صامتاً، مشلولاً، بل متواطئاً وخسيساً لم يتحرك طرف واحد لتأمين حتى تحرك الزعيم نحو موقع أكثر أماناً وتحصناً يواصل فيه معركته بسلاحه الشخصي ضد أذرع إيران، ولو حدث ذلك، لتغير مسار الحرب ولأصبح الحوثي الإيراني اليوم مجرد ذكرى في مزبلة الخيانات والحقبة السوداء المنتهية.

خاض الزعيم معركته ولم ينتظر أحدًا ولم يساوم على مواقفه، مرددًا: "الشهادة نصر"، خرج بسلاحه الشخصي، وقاتل حتى آخر طلقة بكل ما في البطولة من معنى، فاستشهد واقفًا، كما يليق بالقادة الحقيقيين، لم يهرب، أو يتراجع، أو يساوم.. اختار الشهادة على أن يعيش منكسرًا تحت سلطة الغدر والارتهان أو الفرار إلى قصور الخارج وفنادقها.

فيلم اللحظة الأخير من حياة الزعيم كشف كثيرًا مما حاول البعض طمسه، وفي مقدمته، الوجه الحقيقي للمليشيا الحوثية، وممارساتها الإجرامية حتى ضد أُسر من قاتل بسلاحه الشخصي مع الزعيم، وكان أحرى بنا أن ندفع أرواحنا معه، ليس لأننا نحبه بجنون، بل لأنه كان القائد الأخير لجمهورية نبكي اليوم على أطلالها. فالخطف والتهديد بأسر الأبرياء، والتنكيل بالمناهضين، والغدر، والخيانات ليس سوى بعض ملامح مشروع الحوثي الإرهابي.

ما جرى في صنعاء لم يكن مجرد نهاية لحياة زعيم، بل بداية لوعي يتجدّد ومعركة مستمرة نخوضها اليوم، بقيادة العميد طارق صالح، وجميع أحرار اليمن في جميع الجبهات، مؤمنين بأن لا مفر من المواجهة مع المشروع الحوثي، الذي لا يعترف بشراكة ولا بوطن، مشروع يقدّس السلاح ويكفر بالسلام والإنسان، ويُعلي الولاية على الدولة، ويضع الانتماء لإيران فوق كل انتماء.

عهدنا قائم، وأملنا مستمر، ومعركتنا مشتعلة، وقد أصبحنا اليوم أكثر قوة وعتادًا وإيمانًا، فالشعوب التي تنجب رجالًا كعلي عبدالله صالح، قادرة على الاستمرار في النضال وأن تكتب -ذات فجر- نهاية عادلة لمعركة لم تنتهِ بعد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية