الانتصار السياسي هزيمة عسكرية محققة للمليشيا.. لماذا نحتفي بافتتاح مقر المكتب السياسي في تعز؟!
غداة إنشاء المكتب السياسي للمقاومة الوطنية تملكني الكثير من الأمل وكتبت أن المرحلة بقدر ما هي بحاجة إلى ترتيب واقعها العسكري فهي بحاجة أولاً إلى حامل سياسي جديد، يعيد صياغة وتنظيم حيثيات الخطاب بما يتفق مع الهدف الأسمى.
كتبت حينها، وهو الكلام الذي ساء حتى من يُفترض أنهم المعنيون به، أن الشرعية كمنظومة سياسية ليست صالحة سياسياً لحمل القضية اليمنية، وأن هزائمها العسكرية هي نتاج طبيعي ومباشر لهزائمها السياسية العارضة.
دائماً نردد أن البقاء للأقوى، هكذا هي مؤشرات حرب أصبحت وجودية في الأساس، عدا أن القوة التي يفرضها قانون البقاء هنا لا يشير بالمناسبة إلى المعنى العسكري فحسب بل إلى البعد السياسي أولاً، من يُهزم سياسياً سيُهزم عسكرياً، خاضت الشرعية معاركها السياسية داخل نفسها، ليؤول جدلها البيزنطي إلى هزيمة داخلية، وهكذا كان للمليشيات كطرف غير سياسي أن تحقق انتصارات سياسية قبل أي مواجهة ودونها.
اليوم وأنا أطالع خبر افتتاح مقر المكتب السياسي في تعز يراودني التفاؤل ذاته الذي بنته فرضيات إعلان تشكيل المكتب السياسي الأم.
إن أي تجميع للصف السياسي سيكون هو حجر الدومينو الذي بتحريكه ينهار البناء الافتراضي الهش والعاري للمليشيات.
ما يميز المكتب السياسي أنه ليس حزباً سياسياً وحسب، فإذا ما نظرنا إلى طبيعة نشأته سندرك أنه لا يختلف عن طبيعة نشأة المقاومة الوطنية ذاتها، كنهضة أخيرة ومثلى للوسط أو الوجع الوطني في لحظة قاربه فيها الانتكاس، وهكذا أتت معبرة عن تطلعات المواطن، عن رفضه المتقد لانقسامات الصف الواحد، للمسافة المملوءة بالخيبات بين المواطن والمسؤول والمسؤول والسلطة، المسافة المطحونة بانكسارات الأمل بين التطلعات والواقع، كانت المقاومة بمعناها الوطني نقطة التقاء المواطن بالمسؤول، الجندي بالقائد في ميدان واحد، وهكذا هو المكتب السياسي باعتباره وعاءً سياسياً لامجرد حزباً، تقتصر مهامه الحالية على تجميع المكونات الوطنية السياسية وغير السياسية وتفريغها من عاديات الحرب، هذه هي مدخلاته، ليفضي انبثاقها في المحصلة عن جبهة سياسية موحدة، يترجمها على الأرض التحركات العسكرية القادمة.
أبارك لتعز انتصارها الجديد، لهذه الحالمة التي لا تفلت لطموح إلا وأمسكت به، وأرجو أن يصل تماثلها للشفاء عما ألمّ بها من خيبات وانسحاق إلى أن تلتئم بينياً من الداخل، وأن تجد صوتها الحقيقي المعبر، صوت اليمن ككل، وهو الرهان الذي نضعه اليوم على فرع مكتبها السياسي.