في الذكرى الثامنة للشهيد الخالد علي عبدالله صالح.. أسطورة اليمن التي لا تُنسى
عندما تدور عجلة التاريخ وتتوقف عند الثاني من ديسمبر، تهبّ من أعماق الذاكرة رياح عاتية تحمل في ثناياها عبير شهيدٍ خلّده اليمن في سجل الخالدين، وتحمل صدى زعيم طبعت بصماته بقوة الحديد والنار على جبين الأمة. إنه الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، القائد الذي حوّل مسار اليمن من دولة ممزقة إلى كيان وحدويٍ صامد، والرجل الذي رحل جسده لكن إرثه القيادي ما زال يشكل محوراً أساسياً في المشهد السياسي اليمني. ففي الثاني من ديسمبر، لا نستذكر فقط رحيل رجل، بل نستذكر مرحلة كاملة من تاريخ اليمن الحديث، وقيادة استثنائية شكلت مسار الأمة لعقود.
لقد مثّل الرئيس صالح، مع رفيق دربه الأستاذ عارف الزوكا أمين عام المؤتمر الشعبي العام الراحل، ثنائياً قيادياً فريداً جمع بين حكمة الزعيم وروح المقاومة، بين رؤية الدولة وإرادة الصمود. لقد عاش الرجلان مبدأ "الموت تحت راية الوطن خير من الحياة تحت راية الذل"، ودفعا ثمناً غالياً لتمسكهما بوحدة اليمن وسيادته.
في ظل التحديات الاستثنائية التي تواجه اليمن اليوم، ندرك أكثر من أي وقت مضى قيمة القيادة الحكيمة التي تمتع بها الرئيس صالح، الذي قاد البلاد خلال أعاصير سياسية وإقليمية متلاطمة، حافظ فيها على كيان الدولة ومشروعها الوطني.
تميزت قيادة الرئيس الراحل ببعد استراتيجي دبلوماسي عميق، جعل لليمن مكاناً على خريطة العلاقات الدولية المتوازنة، حيث نجح في إدارة تحالفات معقدة في بيئة إقليمية ملتهبة، وحافظ على علاقات اليمن مع مختلف القوى الدولية دون التخلي عن ثوابت السيادة الوطنية.
لقد فهم الراحل صالح بعمق معادلات القوة في المنطقة، وعمل ببراعة دبلوماسية على حماية مصالح اليمن في أتون الصراعات الإقليمية، مما جعل فترة حكمه تمثل مرحلة استقرار نسبي في بلد متعدد الانتماءات والولاءات.
اليوم، ونحن نستذكر هذا القائد الوطني، نؤكد أن اليمن لن تنجب بسهولة قائداً بحجم وعظمة وشجاعة علي عبدالله صالح، الذي جمع بين خصال القيادة النادرة: الحكمة السياسية، والصلابة في المواقف، والمرونة في التكتيكات، والارتباط الحقيقي بتاريخ اليمن وجغرافيته.
إن الوضع الراهن في اليمن يستدعي استحضار روح هذه القيادة التاريخية، والبناء على إرثها لمواجهة التحديات الراهنة. فاليمن اليوم أحوج ما يكون إلى قيادة وطنية جامعة، تستلهم دروس الماضي وتواجه تحديات الحاضر برؤية مستقبلية.
ونحن نستذكر الرئيس الشهيد، نؤكد أننا على عهده باقون، متمسكون بثوابت الوطن، مدافعون عن وحدة أراضيه، عاملون من أجل تحرير اليمن من كل أشكال الهيمنة الخارجية والتدخلات الأجنبية.
سيعود اليمن -بإذن الله- "اليمن السعيد" كما عرفه التاريخ، يمن الوحدة والحرية والاستقلال، وذلك بجهود الشرفاء والأحرار من أبناء هذا الوطن الذين يؤمنون بأن التضحيات الكبرى تلد انتصارات عظيمة.
إن ذكرى استشهاد الرئيس علي عبدالله صالح ليست مجرد مناسبة للحديث عن الماضي، بل هي محطة للتأمل في الحاضر وتأسيس للمستقبل. فالأمة التي تحترم رموزها وتستلهم من تجارب قادتها، هي أمة قادرة على تجاوز المحن وبناء غد أفضل.
فإلى الزعيم الراحل علي عبدالله صالح، تحية إكبار وإجلال، وإلى عارف الزوكا وكل الشهداء الذين سقطوا على درب الوطن، تحية وفاء وعرفان. فأنتم لم ترحلوا، بل صرتم شمساً تشرق في سماء اليمن كل صباح، وصرتم روحاً تحيي فينا معنى الوطنية الحقيقية.
اليمن سيبقى.. والوحدة ستبقى.. والشعب سيبقى.. وذكراك ستبقى يا قائد الأمة، خالدة في ضمير الوطن، أبدية في قلوب الأحرار.
*رئيس اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي - فرع اليمن









