كلمة طارق صالح التاريخية.. التحول من استراتيجية الصبر إلى مرحلة الحسم
هناك لحظات قليلة في حياة أي مراقب أو مشارك في الصراع، يقرأ فيها الكلمات كما لو كانت رسائل محفورة على الأرض.. كلمات الفريق طارق صالح أمام قيادات المقاومة الوطنية في محورَي الحديدة والبرح خلال اجتماع عسكري رفيع يوم أمس، كانت من هذا النوع؛ الحوثي في حالة ارتباك، القبائل على وشك الانحياز، والمقاومة الوطنية تستعد لمعركة حاسمة ستعيد رسم المشهد بالكامل.
ليس المهم فقط أن نعرف أن المعركة قادمة، بل أن نفهم كيف ستغير هذه اللحظة موازين القوة، وكيف يتشكل المستقبل أمام أعيننا الآن.
طرّق طارق صالح نقطة أساسية منذ البداية:
الحوثي يعيش ارتباكًا داخليًا. كلمات بسيطة لكنها تحمل ثقلًا استراتيجيًا.. فهي ليست مجرّد وصف لحالة المليشيا، بل دعوة ضمنية لكل اليمنيين في المناطق المنكوبة بسيطرة الحوثي بأنهم لن يكونوا إلا في خندق الجمهورية عندما تتحرك الجبهات.. شعرت حينها أن هذه الجملة موجهة ليس فقط للمقاتلين، بل لكل شخص يراقب المشهد، لرفع معنوياته وتأكيد أن العدالة العسكرية والسياسية ستأخذ مجراها.
في الجانب العسكري، بدا واضحًا اهتمامه بالجاهزية القتالية: تقييم الخطط التدريبية، مراجعة برامج الإعداد، ورفع مستوى الاستعداد العملياتي.. هذه التفاصيل، التي قد تبدو تقنية للبعض، هي في الحقيقة إشارة مباشرة إلى أن المعركة القادمة ليست مجرد مناوشات، بل مرحلة حاسمة ومحددة الأهداف.. وكأن طارق صالح يقول بصوت مرتفع: "نحن جاهزون، وخياراتنا العملياتية الآن أفضل من أي وقت مضى".
الأمر الذي لفت انتباهي أيضًا هو الاهتمام بالجانب الاجتماعي والنفسي.. وصف الحوثي بأنه كابوس إيراني، وتأكيده أن السكان في المناطق الرازحة تحت سيطرة الحوثي "قد ضاقوا ذرعًا من إرهابها" هو أكثر من مجرد تحليل للوضع، بل رسالة طمأنة للداخل واليمنيين في الخارج.
رسالة تقول: أنتم لستم وحدكم، وأن المقاومة الوطنية وكل جبهات الجمهورية تعمل على تجهيز المعركة لتحريركم.
ولم يُغفل طارق صالح تعزيز روح الانضباط الداخلي والتماسك القيادي.. التأكيد أن الحوثي هو العدو الرئيسي والأوحد يأتي ليقطع الطريق أمام أي صراع داخلي أو تشتيت للجهود، وهو درس مهم لكل من يتابع المشهد: في وقت الحرب، توحيد الهدف أهم من أي خلافات ثانوية.
من الناحية السياسية، كان الخطاب محسوبًا بدقة أمام الشركاء والتحالف العربي، حيث شدد على ضرورة توحيد الجهد الوطني ورفع مستوى التنسيق بين القوى الجمهورية.. هنا شعرت أن هناك رسالة مزدوجة:
طمأنة للتحالف بقدرة المقاومة الوطنية على تنظيم المعركة، وفي الوقت ذاته، تحذير للحوثي بأن كل التحركات القسرية لن تغيّر حقيقة ضعفهم وانعدام الحاضنة الشعبية لهم.
يمكن القول؛ إن كلمة الفريق طارق صالح مسار قيادة واستراتيجية ومعنوية.. فيها التوجيه للمقاتلين، والطمأنة للناس، والرسائل الواضحة للشركاء والتحالف.. وبالنظر إلى الواقع الحالي، لا يمكن تجاهل هذه الرسائل: اليمنيون يعيشون لحظة دقيقة، والمستقبل العسكري والسياسي يبدو وكأنه مرتبط ارتباطًا مباشرًا بما يحدث على الأرض اليوم، ومعرفة القيادات بقدرتها على التقدير والتخطيط.









