يدرك الناظر إلى السلوك السياسي للدول الأيديولوجية الهوة التي تفصل المصلحة عن القيم الأخلاقية الإيجابية، ويلتقط حجم الأكاذيب المتولدة عن ذلك، أما أن يصل الأمر إلى حد المهزلة والأكاذيب التي لا يمكن سترها بأي صورة من الصور، فهذا ما لا يألفه العقل، فلقد جاء في الخبر الذي نشرته صحيفة موالية لإيران: (شهدت العاصمة الإيرانية طهران اليوم انطلاق فعاليات مؤتمر الوحدة الإسلامية في دورته الثانية والثلاثين تحت شعار «القدس محور وحدة الأمة»، بمشاركة أكثر من مئة دولة وحضور عدد كبير من الشخصيات الإيرانية والإسلامية). ويبلغ عدد الدول الإسلامية في العالم 57 دولة، ولكن إيران رفعته بقدرة قادر إلى 100 دولة في الخبر.

 

عندما تقرأ خبراً كهذا، تظن أن طهران تقود عملية تسامح ديني في العالم الإسلامي كله. إيران الدولة الطائفية اللاهوتية المؤمنة إيماناً مطلقاً بولاية الفقية، وتعقد مؤتمراً لـ«الوحدة الإسلامية»، إيران التي جيشت حركات مسلحة طائفية وميليشيات الوسخ التاريخي، ضد مجتمعات إسلامية وضد التعايش، كحزب الله وأنصار الله والزينبيين وكتائب أهل الحق، وتدعمهم بالسلاح والمال لتخريب بلاد إسلامية كلبنان واليمن وسوريا والعراق، يعقد فيها مؤتمر الوحدة الإسلامية. أجل لبنان الذي تأسس بالأصل على التقاسم الطائفي للسلطة، تحول بفعل ميليشيا حزب الله، الذي أعلن تبعيته المطلقة لولاية الفقيه، إلى بلد يعيش تحت استبداد حركة مسلحة، ترفع السلاح متى شاءت إيران.

 

اليمن الذي لم يعرف في حياته حرباً بين الزيود والشوافع، يشهد الآن حرباً شنتها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

 

العراق يتحول الآن إلى أكبر ساحة للصراع الطائفي بفعل إيران. سوريا تشهد الآن جريمة لم تعرفها في حياتها.

 

إيران التي احتلت أراضي عربية، عاصمتها الآن مقر مؤتمر الوحدة الإسلامية.

 

إنها المهزلة بعينها، وتزداد المهزلة هزلاً عندما تستمع إلى خطابات جهابذة الوحدة الإسلامية وبخاصة كلمة الأمين العام لحزب «الدعوة الإسلامية» نوري المالكي الذي قال إنه «يجب على جميع القوى الوطنية الدفاع عن فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني الهمجي»، لافتاً إلى أن «من يمعن بتمزيق الأمة مادياً ومعنوياً ينبغي الوقوف ضده ومواجهة فتاوى التكفير والتطرف».

 

ورأى المالكي أنه «من الواجب حل أزمات المنطقة والوقوف بوجه الكيان الصهيوني السرطان الخبيث، الذي يمارس شتى أنواع الجرائم»، مؤكدًا أن «التطبيع مع الكيان الصهيوني مؤامرة خطرة ويجب على الشعوب العربية الوقوف ضده».

 

المالكي الذي جاء على الدبابة الأميركية إلى العراق، وأسس للشرخ الطائفي لهذا البلد المليء بالجراح، وبنى جيشاً طائفياً وجهاز أمن طائفياً، وخلق الشروط لإنتاج داعش، وانهزم جيشه أمام داعش في غضون ساعات يدعو إلى وحدة المسلمين.

 

هنية غزة التي تعاني بسببه من الفقر والدمار يعد بانتصار الحوثيين في اليمن، وقس على ذلك.

 

وتُجمل هذه المهزلة باسم القدس، حيث عقد (التجمع)، تحت شعار: (القدس محور وحدة الأمة)، ولكن القدس لم تحصل من دولة ولاية الفقيه إلا الجعجعة، والمؤتمرات الخطبية، والوعيد الفارغ. وليس استغلال اسم القدس المدينة التي تحتل مكانة خاصة في الوجدان العربي والإسلامي، إلا أداة تبرج فقط، لخداع أهل القضية.

 

بقي أن نقول: إن استغلال كلمة الإسلام لتحقيق مآرب سياسية لدولة طائفية تسلب حق الطوائف الأخرى في ممارسة حريتهم، وتسلب الكرد والعرب حقوقهم، وتسعى لنشر أيديولوجيتها الزائفة في بلاد العرب، ضرب من الخداع والإيذاء المقصود لقيم الإسلام نفسه.

 

المصدر:  البيان الاماراتية

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية