تحت هذا العنوان عقد في الرياض مؤتمر دولي لتبني دعم خفر السواحل اليمنية وتدشين الأمانة العامة المشتركة لأمن الملاحة البحرية في اليمن، حيث يبدو أن المجتمع الدولي أدرك مؤخرًا أن أمن البحر الأحمر لا يقتصر على الأداء المباشر للدول الكبرى المعنية بهذا الشأن، بل يجب دعم وإشراك قوات خفر السواحل اليمنية بشكل أساسي، كون دورها وحضورها سيقلل من حجم التهديد الملاحي ويحمي المصالح المشتركة لليمن والمنطقة، ويقف عائقًا أمام الجماعات المتطرفة التي تستغل ركاكة الوجود البحري اليمني وضعف إمكانياته للاستمرار في تهريب السلاح وتبادل تجارته بين أربع جهات هي الشباب المؤمن، والقاعدة وداعش والحوثي، ودعم إيران المباشر وغير المباشر لتفشي الخطر الملاحي وإقلاق الملاحة الدولية.

ومن هذا المنطلق فإن دعم قوة خفر السواحل اليمنية سيشكل نقطة فارقة في عملية ضبط مكافحة التهريب للسلاح والمخدرات وتجارة البشر، ومكافحة القرصنة وكل أشكال التهديد بشكل أكثر احترافية ومسؤولية واستعدادًا،  خاصة أن خفر السواحل اليمنية التابعة للمقاومة الوطنية أثبتت كفاءتها في الأشهر المنصرمة، وتمكنت من القبض على عدة سفن وزوارق محملة بالسلاح كانت في طريقها للمليشيات الحوثية، مما جعل المجتمع الدولي يغير مسألة دعم هذا المسار ويحولها إلى أولوية خاصة إبان النجاح الإيجابي الذي قدمته خفر السواحل اليمنية وتمكنها من إحراز نتائج واقعية وشواهد ملموسة تؤكد جديتها وفاعليتها في تغير ميزان هذا التهديد وتقليص نفوذه.

تزعمت بريطانيا والسعودية الدور الإيجابي للمجتمع الدولي المتجاوب مع ضرورة دعم أمن البحر الأحمر الجيوسياسي والاقتصادي والعسكري وبالذات للشرعية اليمنية، حيث عملت لندن عبر سفيرتها لدى اليمن على تكثيف جهودها ولفت انتباه كل المعنيين وصولًا لعقد مؤتمر دولي يضم ممثلين لأربعين دولة  وبمشاركة يمنية رسمية، لحشد دعم مالي ومعنوي لليمن، والتوصل لوضع خطة استراتيجية تشمل التعاون الاستخباراتي والمعلوماتي والدعم العسكري والتحديث اللوجستي التكنولوجي بمعدات وتقنيات وخبرات ستحظى بها خفر السواحل اليمنية لتؤدي دورًا محوريًا وتكون رأس حربة بجانب القوى الإقليمية والدولية المكلفة بحماية أمن البحر الأحمر وزحزحة التحديات المعوقة للقضاء على مخاطرها وبقائها شاخصة ومقلقة للملاحة الدولية وطرق التجارة العالمية.

وعليه فإن على المجتمع الدولي تغيير آليات تعامله مع القضية، والتفكير بطريقة جدية تعالج الخطر من الزاوية المقابلة لمنبعه، فإقلاق الحوثي لأمن البحر الأحمر لن يخمد إلا بدعم القوات البحرية اليمنية كشريك دولي، وتمكينها من بسط نفوذها على كل السواحل اليمنية بما فيها السواحل التي تقع تحت سيطرة الحوثي، والتي في الغالب يستخدمها لإطلاق الصواريخ على السفن التجارية،  ومعبرًا للهيمنة على منفذ باب المندب، فلو تم تمكين القوات البحرية للشرعية اليمنية من السيطرة على كافة السواحل اليمنية، وتركيز جهودها على المناطق الساحلية التي تربط المليشيات بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن ولو تطلب ذلك عمليات عسكرية نوعية تنتزع أي وجود أو حضور حوثي على المياه اليمنية حيث ستتغير موازين اللعبة كليًا، وستضعف أسطوانة التهديد الحوثي،  وسيُغلَق باب أنهكت مخاوفه المجتمع الدولي لأكثر من عقد.

نأمل،  أن يكون لخفر السواحل اليمنية دور مستقبلي يعيد رسم ملامح الخارطة السياسية والعسكرية للشرعية اليمنية والاعتماد عليها في حفظ أمن واستقرار المنطقة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية