في مشهد يعكس "الاستحمار" والاستخفاف الصارخ بالعقول، تواصل مليشيا الحوثي عبثها الإعلامي وسط الدمار الذي ألحقته بمؤسسات الدولة ومقدراتها. ففي الأمس، بثت عبر أدواتها الإعلامية أخبارًا عن "غارات إسرائيلية" مزعومة على موانئ الحديدة، قبل أن تعود سريعًا لتكذب أخبارها وتصفها بـ"الكاذبة"، في تناقض يفضح ارتباكها ويكشف حجم التضليل الذي تمارسه، ويؤكد التخبط الذي تعيشه وهي تترنح في أواخر أيامها، بينما تختبئ قياداتها في الدهاليز والمخابئ.

هذا التناقض ليس وليد العشوائية، بل يعكس استراتيجية استغفال الأتباع بطريقة مدروسة تهدف إلى إبقاء كذبة "نصرة غزة" حية في أذهانهم، رغم انكشافها. فكلما بدأ هذا الشعار بالتآكل، تسارع الجماعة إلى ضخ شائعات جديدة، وإن كانت مفضوحة، في محاولة لتحريك مشاعر جمهورها وتعبئة عقولهم المرهقة والمغيبة بفعل الأوهام والخرافات.

هذا النهج القائم على التضليل لا يكشف فقط عن ارتباك داخلي، بل يعري حقيقة الجهاز الإعلامي الحوثي الذي لم يكن يومًا وسيلة نقل للواقع، بل أداة دعاية تتغذى على الفبركة والتصنّع، وتفتقر لأي مضمون وطني أو مشروع حقيقي.

ولكن ما هو أكثر خزيًا، هو استمرار استغلال المليشيا للقضية الفلسطينية كوسيلة دعائية لتلميع صورتها المهترئة والمكشوفة، إذ تدّعي نصرة غزة بينما تخضع بشكل كامل لإملاءات طهران!!

وقد كشف تصريح رسمي من الخارجية الأمريكية أن التفاهمات بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر تمت مع إيران مباشرة دون أي دور للحوثيين.

ادعاء "نصرة غزة" لم يكن سوى امتداد لسلسلة من الأكاذيب، بدءًا من خدعة "رفع الجرعة" مرورًا بحملات شعاراتية لا تسمن ولا تغني من جوع، أصبح كل يمني يدرك زيفها، باستثناء من لا يزال غارقًا في طلاسم الجماعة.

في المحصلة، كل هذا الضجيج الإعلامي ليس إلا محاولة يائسة لتضليل جمهور داخلي أنهكته الحروب وصراعات لا ناقة له فيها ولا جمل. إنها جماعة تعيش على الأكاذيب، وتُتاجر بالقيم الدينية والقومية لتغطي على استسلامها وخضوعها. وفي كل مرة تحاول فيها نسج سردية جديدة، تسقط مجددًا في فخ تناقضاتها، وتترك أتباعها في مواجهة الحقيقة: مليشيا بلا مشروع، ومسرحية إعلامية لم تعُد تنطلي على أحد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية