سلسلة حلقات تنشرها وكالة 2 ديسمبر، من ملف بعنوان (خرافة الولاية)، وفيما يلي الحلقة السابعة عشرة..

 
سنكتفي بما يصب في هدف هذه المادة، لما فيها من اشتباه حوّله الفكر الشيعي الفارسي إلى مسلمات مقدسة تنسحب على الولاية السياسية، وتتضمن المسألة موضوعي المنزلة، والولاية:
 
    المنزلة: المقصود بها ما عرف بحديث المنزلة وهو قوله عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب عندما أمره بالبقاء في المدينة، والتخلف عن غزوة تبوك ولفظه الصحيح والكامل حسب البخاري "أن رسول الله خرج إلى تبوك واستخلف علياً فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء، قال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"، وزيادة عند مسلم" إلا أنه لا نبي بعدي". يستدل الشيعة بالحديث على ولاية الإمام علي واستحقاقه ما ورد في القرآن في حق هارون. وننوه إلى أن الشيعة يعتقدون بورود الحديث في عدة مناسبات مستندين إلى روايات خاصة بهم. ويمكن مناقشة الحديث في النقاط التالية:    
 
•    الشركة في تبليغ الرسالة: التبليغ واجب كل مؤمن ومسلم وقد شارك في العملية الدعوية كثير من الصحابة، يقول تعالى "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ" آل عمران 104. ويقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا" التحريم 6، ولا يكون ذلك إلا بمسؤولية الدعوة وإلا فكل نفس رهينة بما اكتسبت من عمل، ومن جملة الاقتداء بالرسول الدعوة وتبليغ الدين، كما يدخل في ذلك الآيات الحاثة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما شراكة هارون فكانت بالنبوة وكذلك فالحديث حسم الأمر بالإشارة إلى "لا نبي بعدي" وبالتالي فلا يشارك علي النبي بأي جزء من فضيلة النبوة إلا مسؤولية البلاغ عبر الدعوة مثله في ذلك مثل غيره من المسلمين.
 
•    الخلافة: الخلافة في قصة هارون أو علي هي خلافة مؤقتة، وتكون دليلاً على من يقول إن الخلافة والولاية بتوجيه إلهي، ففي استخلاف موسى لهارون ما يؤكد على أنها مؤقتة وليست دائمة، ولو كانت دائمة لكان ذلك طعن في علم الله – تعالى الله عن ذلك – بمعنى أنه لو كان استخلاف موسى لهارون بأمر إلهي – كما يقول الشيعة في حق علي – وأن المقصود به الخلافة الدائمة لما مات هارون قبل موسى.
 
•    الوزارة: كانت غزوة تبوك بداية النصف الثاني من العام التاسع الهجري، أي قبل وفاة النبي بأقل من عامين وبعد قيادته المجتمع الإسلامي في المدينة لأكثر من ثمانية أعوام، ولو كان المقصود النبوي الوزارة بمعناها السياسي أو الديني لما ترك النبي هذا الموقع شاغراً وهو القائد الفذ طيلة أزيد من ثمانية أعوام. كما لم تفد الروايات سواء قبل تبوك أو بعدها أن الإمام علي كان من كبار مستشاري النبي، ولم تسجل السيرة النبوية إشارة علي للنبي أو طرحه رأياً ماعدا ما يفهم من اعتراضه فيما يخص كتابة وثيقة صلح الحديبية، وأيضاً لم يشتهر تكليف النبي للإمام علي بمهام استثنائية خلاف غيره من الصحابة. قد يرد هنا الاحتجاج بإرسال سورة التوبة مع علي إلى أبي بكر في حجة السنة التاسعة للهجرة. وهذا أمر طبيعي لأن كبار الصحابة كانوا في بعثة الحج، وفي مناسبات أخرى أرسل النبي عددا من الصحابة بالقرآن لدعوة القبائل وتعليمها، كمصعب بن عمير، ومعاذ بن جبل. 
 
•    استخلاف النبي لعلي كان استخلافاً على الأهل كما يفيد سياق الحديث "أتخلفني في الصبيان والنساء". وكان الاستخلاف على المدينة ككل لمحمد بن مسلمة، فكان الاستخلاف خاصاً. إضافة إلى أن النبي كان دائماً ما يستخلف أحداً عندما يخرج من المدينة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية