سلسلة حلقات تنشرها وكالة 2 ديسمبر، من ملف بعنوان (خرافة الولاية)، وفيما يلي الحلقة الخامسة عشر..

 

الكساء: إدخال غير نساء النبي، وتحديداً علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم في آية التطهير يستند بالأساس لدليل خارجي من حديث يُعرف بحديث الكساء، وفيه أنه عندما نزلت آية التطهير دعا النبي عليا وفاطمة والحسن والحسين فمد عليهم كساءً وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهير وتلا الآية. والمشهور أن راوي الحديث أم سلمة زوج النبي، والرواية عنها موجودة في كتب الشيعة كالكافي للكليني، والأمالي للطوسي. ويمكن إيراد الملاحظات التالية بشأن الحديث:

 

• الحديث ورد بروايات مختلفة وأكثر طرقه ضعيفة إلا ما جاء في صحيح مسلم عن السيدة عائشة.

 

• من سياق الحديث أن ما فعله النبي يأتي في إطار يقينه أن الآية نزلت في أزواجه، ورغبته في دخول الأربعة في مدلول الآية، ولو كانوا داخلين في الآية ابتداءً لما احتاج النبي لفعل ما فعل، وكأن الحادثة على سبيل دعاء النبي بأن يندرج الأربعة في مدلول الآية. وسنتجنب هنا نقاش اعتقادات الشيعة في الاستدلال على عصمة أئمتهم من هذه الآية، وكذا حصرها بناء على الحديث في من عرفوا بأهل الكساء، النبي، علي، فاطمة، الحسن، الحسين، وإخراج نساء النبي منها، باعتبار أن الآية ابتداء واضحة في من المقصود بها.

 

 

آية المودة لذوي القربى: وهي قوله تعالى "قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" الشورى 23، وهذه أيضاً جزء من آية. ويعتبرها الشيعة دليلاً على وجوب المودة في قرابة النبي ويقيّمون مدى الالتزام الديني بمدى حب قرابة النبي، بمن فيهم الذرية الهاشمية. ويمكن إيراد بعض الملاحظات:

 

• السورة ومن بينها الآية مكية، كما في الروايات، وما تتضمنه من خصائص العهد القرآني المكي، وبالتالي فالمحاورة بائنة في كونها موجهة على لسان النبي لغير مسلمين، ولذلك فمن غير المعقول أن يطلب منهم وهو في الأصل محل لأذيتهم أن يودوا قرابته، يؤيد ذلك ما أورده مفسرون من أن المعنى: لا أسألكم مقابلاً غير أن تراعوا قرابتي منكم وتخلوا بيني وبين الدعوة، وهذا المعنى هو ما تؤيده الأحاديث الصحيحة، ولا يعقل كذلك أن يسأل النبي قريشا مودة قرابته فيما أكثر هذه القرابة على الكفر في العهد المكي.

 

• مودة المشركين لقرابة النبي قائمة بالأساس، ومعيارهم في ذلك كون قريب النبي متبعاً له أم لا فيكون المقصود قرابته هو منهم.

 

• ما تطرق له القرآن من توصيات بقرابات عضوية استخدم لفظ "ذي" وليس "في" يقول تعالى "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى" النساء 36، ويقول "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى" الأنفال 41، ويقول "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى " النحل 90، ويقول " وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ" الإسراء 26.

 

• الأصل في الرسالات السماوية والنبوات أنها لا تبحث عن أجر دنيوي، يقول تعالى على لسان عديد أنبياء بمن فيه نبينا "وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ" الشعراء 109، ويقول "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا" الفرقان 57، ويقول "لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي" هود 51. ويحث القرآن النبي على الاقتداء بسلوكيات الأنبياء السابقين بما في ذلك عدم طلب الأجر والمكافأة الدنيوية، يقول تعالى "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ" الأنعام 90.

 

• المودة في الأصل سلوك إيجابي بين إنسان وآخر، ولو افترضنا أن الآية تنحو جهة التفسير الشيعي، فهي لا تمنح ميزة ذات طابع استثنائي، كون تعاليم الإسلام جملة تؤكد على السلوك الإيجابي الودي سواءا داخل الإطار الإسلامي أو بينه وبين الإطارات الأخرى ما التزمت عدم العداء، يقول تعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" الروم 21، ويقول " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى" المائدة 82، ويقول بمعنى أكثر شمولا لناحية طبيعة العلاقة " عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ( 7 ) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" الممتحنة 7، 8.

 

• على أي أساس يتم تحديد قرابة النبي المشمولين بالآية – إذا سلمنا بالمعتقد الشيعي – فالكثير من بيوت قريش ومن غيرها له قرابة عضوية بالنبي سواء أكانوا من جهة أبيه أو من جهة أمه، أو من جهة المصاهرة. أم تتحدد من خلال من قيل أن الصدقة حرمت عليهم، وهؤلاء فيهم عديد أقوال أقلها يحصرهم ببني هاشم فقط، وأوسعها لناحية القرابة العضوية يصلون إلى غالب، فيدخل بينهم بنو أمية. أم هم من أعطوا من الخمس فوردت روايات أنهم بنو هاشم وبنو المطلب إضافة لزوجات النبي، وتخصيص بني المطلب دون بني نوفل وبني عبد شمس ومنهم بنو أمية مع أنهم بنفس درجة القرابة يشير إلى أن القرابة ليست العامل الحاسم في الأمر، وبالرجوع للتاريخ النبوي نجد أن مزية إدخال بني المطلب في الخمس كان نتيجة مشاركتهم النضالية في العهد المكي رغم أن كثيرا منهم ومن بني هاشم لم يكونوا مسلمين.

 

وفي كل الأحوال يقع الشيعة في تناقضات المودة في موقفهم من السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة النبي وأحب نسائه إليه.

 

الحلقة الخامسة عشر من ملف تنشره  وكالة 2 ديسمبر
لقراءة الحلقة الأولى  "الأسطورة السخيفة
لقراءة الحلقة الثانية "معايير الأفضلية القرآنية
لقراءة الحلقة الثالثة  "ألفاظ التفضيل في القرآن
لقراءة الحلقة الرابعة "تفضيل بني إسرائيل
لقراءة الحلقة الخامسة  "الوراثة والذرية"
لقراءة الحلقة السادسة "وراثة النبوة"
لقراءة الحلقة السابعة "عماد التشيع الفارسي"
لقراءة الحلقة الثامنة "خلافة النبي"
لقراءة الحلقة التاسعة "قصة الخضر"
لقراءة الحلقة العاشرة "يوم السقيفة"
لقراءة الحلقة الحادية عشر "فضائل الإمام علي"
لقراءة الحلقة الثانية عشرة "الأدلة الخاصة للتشيع الفارسي"
لقراءة الحلقة الثالثة عشر "ال "آل" في القرآن"
لقراءة الحلقة الرابعة عشر "الأهل والتطهير"

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية