حسب عادتها.. الحوثية تكافئ الحديدة وسكانها
حين وافقت الجماعة على اتفاق السويد نهاية العام 2018، كانت تدرك أن الموارد المالية لميناء الحديدة تكفي لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، على الأقل في المناطق التي تسيطر عليها، إذ نص الاتفاق على إيداع تلك الموارد في حساب خاص لدى فرع البنك المركزي اليمني بمحافظة الحديدة، تخصص لدفع الرواتب، لكنها لم تلتزم بذلك الاتفاق، وضربت به عرض الحائط واتخذت منه فرصة لإحكام سيطرتها على موانئ الحديدة، في ظل عجز بعثة الأمم المتحدة - أونمها عن القيام بالمهام التي أسندها إليها مجلس الأمن الدولي (متابعة تنفيذ اتفاق السويد بما في ذلك مراقبة سيريان وقف إطلاق النار، والإشراف على إخلاء مدينة الحديدة وموانئ رأس عيسى والصليف من كافة القوات المسلحة).
تعد الحديدة المصدر الأول للأموال التي تجنيها الجماعة منذ سيطرتها عليها في أكتوبر عام 2014، حيث استحوذت على موارد الموانئ والموارد المالية الضريبية والجمركية المتأتية من مختلف الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية.
ومع ذلك لا تدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة حتى، بل بقية المحافظات، وأخيراً أعلنت صراحة أنها غير معنية أو غير ملزمة بدفع راتب أي موظف، وأن دفع الرواتب مسئولية الحكومة الشرعية، وجعلت ذلك من أولى شروطها لتجديد الهدنة وتوسيعها.
إن الحديدة صارت موضوع مظلمة.. فإلى جانب العلاوات الإضافية السابقة، هناك بعض المكافآت الأساسية التي تتلقاها وسكانها من الجماعة التي نزل رجالها حفاة أمس، واليوم تضخمت أردافهم وأرصدتهم، وسمنت أوراكهم كالمرأة الرداح.
الحديدة هي المكان الذي تستعرض فيه الجماعة قدراتها على الحرمان، والتنكيل، والتجويع، وتجنيد الأطفال، ونشر الألغام، والهجومات المتكررة على مدارس البنين والبنات، والطمس المتعمد للهوية الثقافية المحلية، والاعتقال التعسفي، والضرائب الجائرة غير المشروعة، والاستيلاء على الأراضي العامة، والاعتداء على الملكية الخاصة التي تعد أهم الحقوق الاقتصادية للفرد.. فضلاً عن تنظيم مهرجانات الإعدام الجماعي، كما في مثال مذبحة سبتمبر 2021 التي أجهزت فيها الجماعة على الشيخ علي القوزي الأمين العام للمجلس المحلي وثمانية مواطنين بجريرة التآمر مع التحالف العربي على قتل صالح الصماد.. لقد قتلوا دون تحقيق نزيه ودون محاكمة عادلة، بل دون المثول أمام قاضيهم الطبيعي حيث اقتادتهم الجماعة إلى صنعاء، وهناك ضحت بهم للتعمية عن تخلصها من الصماد، في سياق التنافس المحموم على المصالح والنفوذ بين أقطابها.