ككل عنصرية، تتكئ "الحوثية" على أسطورة بالغة النرجسية والهشاشة تتمحور حول انحياز الله لبعض الحيوانات المنوية، ومحاباته لهم بالسلطة، دوناً عن عياله من الأعراق والسلالات الأخرى.!
 
لا تستند هذه النعرة على أكثر من هذا الادّعاء الشوفيني، ومن السهل مواجهتها بادعاء مماثل ومقابل، وتأكيد أفضلية العنصر اليمني على العنصر الهاشمي القرشي بموجب نص قرآني صريح: "أهم خيرٌ أم قوم تبّع"؟!
 
لكن هذا لمجرد الجدل والمناكفة لا غير، ففضلاً عن كون المفاضلة القرآنية هي في القيم الحضارية حينها. هناك أحاديث كثيرة تزعم العكس، وأن قريشاً خيار الخلق، وأن بني هاشم خيار من خيار.!
 
نعم. هي أحاديث عنصرية موضوعة بطبيعة الحال. كأغلبية الأحاديث التي تشيد بأهل اليمن. لكن الأحاديث والخرافات حاضرة في التراث السياسي الإسلامي، وفاعلة في الوعي الجمعي اليمني أكثر من الحقائق والآيات القرآنية.
هذا من جهته يجعل المفاضلة السلالية تصب في صالح قريش والهاشمية السياسية في اليمن، لأسباب وجيهة منها أيضاً:
- أن المفاضلة السلالية تعتمد على مرجعيات ماضوية تقليدية، والمجتمع اليمني، كغيره من المجتمعات العربية، تقليدي في معظمه، وما زالت هناك هالة عاطفية جذابة يحظى بها "العرق النبوي"، في الثقافة الشعبية.
 
إذن، "السلالية" سلاح سياسي رديئ، يخدم الخصم، ويجرح اليد التي تستخدمه.. وتبنيه في اليمن يعني فيما يعنيه نجاح الحوثي في جر الآخرين إلى ملعبه، وفرض أدواته وثقافته عليهم. وحصر جهودهم في دائرة الدفاع وردود الأفعال.
 
بدلاً من ذلك. من المهم الاعتصام بمصادر قوتنا الحقيقية، وهي الهوية اليمنية الجامعة، والاتكاء على مرجعيات وأدوات تقدمية ملائمة للمشروع الوطني المتمثل باستعادة السلطة للشعب، وبناء نظام ديمقراطي تقدمي حديث.
 
أي عدم مواجهة قريش بقحطان، والإمام الرسي بـ"الأسود العنسي"، أو تحويل القضية اليمنية إلى نزاعات سلالية بين بني هاشم وبني ابن أبي كبشة، أو الدعوة لبناء نظام عنصري سلالي لا يختلف عن النظام الحوثي إلا في نوع العنصر والسلالة. 
 
بل يُفترض قبل رفض المشروع الحوثي رفض النزعة العنصرية، والثقافة الكهنوتية التي أنتجته. سواءً في النظر إلى الذات أو إلى الآخر. فلم تعد العنصرية بأدواتها ومرجعياتها جدية ولا مجدية في مطلع هذه الألفية الثالثة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية