في شاطئ رأس العارة (150 كم شمال لحج) لا تزال مهنة بيع الأسماك المجففة تستهوي علي الملهوف (60 عاماً) والذي يعد من أقدم باعة الأسماك المجففة في ساحل محافظة لحج منذ ثلاثين عاماً، إذ لا يزال محافظاً عليها منذ عقود وحيداً بعد أن غادر الكثير من زملائه هذه المهنة التي تواجه مصير البقاء في ظل توفر ثلاجات حفظ الأسماك على السواحل وبيعها طرية عقب استخراجها. 
 
 
يقول علي ملهوف لوكالة "2ديسمبر"، إن مهنة تحضير الأسماك المجفف تتخذ طرقاً عدة قبل عرضها للبيع، في أولها يتم شراء الأسماك بحسب جودتها وأنواعها فور خروجها من البحر من قبل الصيادين، ثم تأتي مرحلة تقطيع السمك وشرخه وتجفيفه بعد وضع الملح عليه ثم تجفيفه ليومين في الشمس قبل أن تكون جاهزة للبيع. 
 
 
وأشار الملهوف، الذي يتخذ عشاً صغيراً على الساحل في بلدة رأس العارة مقراً لعمله، إلى أن ارتفاع أسعار الأسماك واحدة من أبرز  المصاعب التي يواجهها في مهنته في الآونة الأخيرة، حيث تسبب ذلك في ارتفاع أسعار الأسماك المجففة وتراجع مستوى الإنتاج بسبب تردي أحوال المعيشة للمشترين. 
 
وأضاف، إنه لا يشعر بالتذمر من العمل في هذه المهنة القديمة بل يشعر بالارتياح، فهي تمثل مصدر عيشه الأول له ولأسرته مع وجود زبائن يقبلون على شراء هذا النوع من الأسماك في أرياف لحج وتعز سواء من خلال الوصول إليه والشراء من الساحل أو بيعها في الأسواق الشعبية في مناطق لحج وطور الباحة والمضاربة والوازعية.
 
وتمتلك محافظة لحج شريطاً ساحلياً يمتد لمسافة تقدر ب90 كيلومتراً وبه ما يزيد عن أربعة آلاف صياد؛ لكن رغم هذا الكم لا يزال عدد قليل من الصيادين يحافظون على بيع السمك المجفف كمهنة يحافظون عليها منذ عقود، حيث أسهمت الصناعات الحديثة في تراجع المهتمين بهذه المهنة بنسبة كبيرة وبات أغلب الصيادين يعملون في بيع منتجهم بعد خروجه من البحر دون انتظار أيام أخرى للتجفيف. 
 
وتتفاوت أسعار الأسماك المجفف في بلدة خور العميرة الساحلية، وفق العامل بهذه المهنة عبده مقبل، بين 500-8000 وأحياناً أكثر وفق جودة كل نوع  بسبب ارتفاع تكاليف الشراء.
 
وأضاف مقبل لـ"2 ديسمبر"، إن المهنة لم تعد مجدية كالسابق بسبب الغلاء سواءً في سعر السمك أو سعر الملح وتكلفة المواصلات خلال نقل هذه الأسماك إلى الأسواق وأحيانا نكسب ونحقق أرباحا، وأحيانا نخسر خاصة أننا نضطر أحيانا لنقلها إلى حيفان ومناطق في تعز لبيعها.
 
وتابع مقبل، باتت المهنة وقلة العاملين فيها وأغلبهم من كبار السن يتخذونها بهدف قتل الفراغ بعمل، تتراجع بشكل ملحوظ، ومن يصمدون فيها ما زالوا يعولون عليها في توفير حاجيات أسرهم، إذ يضطر البعض من باعة السمك المجفف للصمود في هذه المهنة والذهاب نحو مناطق جبلية بعيدة من أجل الكسب، حيث تمثل المناطق الجبلية البيئة الخصبة لبيع هذا النوع من الأسماك ولا سيما في المناطق التي تفتقر لخدمة الكهرباء. 
 
وأوضح مقبل، أن عملية البيع في الأسواق تتم عن طريق الاتفاق مع زملائه في هذه المهنة من خلال التحرك الجماعي نحو الأسواق الشعبية وتحمل تكاليف النقل مناصفة في أغلب أيام الأسبوع، ولا سيما الأيام التي تزدهر بوجود الأسواق الشعبية مثل سوق السبت بطور الباحة، وسوق الأحد في المضاربة، وسوق الأربعاء، أو من خلال قدوم زبائن راغبين بالشراء إلى مكان التجفيف لشراء المنتج.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية