نال التعامل الحوثي مع وباء كورونا المستجد انتقادات خارجية وداخلية، ومن زوايا عدة، كاستغلالها الجائحة العالمية في المزيد من الجباية والتعاطي اللا إنساني مع الحالات المشتبهة من غير المنتمين للجماعة الموالية لإيران، بجوار إخفائها أعداد الإصابات والبيانات المتعلقة بالمرض، وغير ذلك من مداخل النقد، حتى بات الحديث عن هذا الموضوع مستهلكا، لولا الاستفزازات الحوثية في تصريحات رسمية لوزارة صحتها وعلى رأسها وزيرها طه المتوكل، التي سبقها، بطبيعة الأمر، تناولات من رئيس السلطة الحوثية مهدي المشاط، وقبله زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، كلها تصب، ليس في خانة الاستخفاف بالجائحة المربكة لأرقى الأنظمة الصحية في العالم، فحسب، وإنما في استمرار الاستهتار بعقول اليمنيين وأتباعها وكأنهم أطفال تحت سن الخامسة.
 
موجة الانتقادات الأخيرة أثارها الطابع التخصصي لوزارة الصحة التي انقلب وزيرها المعتوه إلى خبير أمني وإعلامي ونفسي.
 
على غرار الأسياد بطهران، في اعتبارهم تسليط الأضواء الإعلامية على الجائحة في إيران مؤامرة تستهدف الأمن النفسي "للثورة الإسلامية"، تتناول الجماعة الحوثية تفشي الوباء في مناطق سيطرتها كعار اجتماعي، ومشكلة أمنية سيادية، وبجانب هذا وذاك كوباء نفسي أكثر منه جائحة فيروسية عضوية.
 
الفيروس المستجد انتشر في معظم بلدان العالم وصار مصدر قلق وهمّ، صحي وإنساني، يتشاركه جميع العالم، وتعكف مراكز الأبحاث البيولوجية على اختبارات متواصلة تحاول إيجاد لقاح أو علاج للفيروس، في حين يصرح بوقاحة المهلوس طه المتوكل بإمكانية خروج دواء كورونا من أبحاث يجريها أطباء وصيادلة يمنيون، في سخافة واستخفاف نادر وعجيب بأهل اليمن من قبل عصابة الكهف.
 
لا أقول هذا تقليلا من شأن العقل اليمني، حاشا وكلا، فالإبداعات اليمنية، حديثا، تبرز بين الفينة والأخرى في غير بلد من بلدان العالم، لكن المسألة تخص توافر البيئة العلمية، بما فيها مكوناتها التقنية والتجهيزات المعملية لإجراء هكذا أبحاث، فكيف بقاعدة صحية ضعيفة، مقارنة بإمكانيات دول ثانية، أطبقت عليها، كغيرها من القطاعات، السياسات الحوثية التدميرية.
 
طلع بيان صحة الحوثيين والمؤتمر الصحفي للوزير الفلتة بقول كل نقيصة في أساليب دل العالم ومنظمة الصحة العالمية في مواجهة الوباء متشككا بكل شيء ومعرجا على فحص عينات من حيوانات بمحاليل لمنظمة الصحة أظهرت إصابات حيوانية بكورونا، مع أن المهووس المتوكل لم يطرح بديلا، معجزا، للإجراءات العالمية سوى الإصرار على رفض ما وصفه بالتعامل الإحصائي مع الجائحة لمواجهة "الإرهاب الإعلامي"، لا الفيروس، وكأن قضية الوباء والإعلان عن عدد الإصابات، أسرار عسكرية تمس الأمن القومي للبلد، ودون أن تلتفت الجماعة الحوثية ووزيرها إلى أن الوباء مشكلة عالمية، أصبح التعاطي الإحصائي معها وسيلة مهمة في السياسات الوقائية وما تحمله من إشارات إلى السكان لتوخي الحذر وتفعيل الاحترازات المجتمعية التي تكون بدورها أسلوبا لا غنى عنه في تحجيم الوباء، إصافة لما يمكن أن تجلبه من مساعدات ناجمة عن التداعي الدولي في التعاضد الإنساني لمحاربة الفيروس المميت، ناهيك عن أن المعلومة العامة هي حق من بين حقوق أخرى تؤلف سمة من سمات الدولة الحديثة، هذا إن تجاوزنا في مماشاة ادعاءات العصابة الحوثية بأنها تمثل دولة مسؤولة.
ثم ألم يكن باستطاعة الدعي الصحي، أن يتصفح النت لمعرفة ما يعلمه العالم أن منشأ فيروس كوفيد 19 هو حيواني بالأساس، ويصيب الحيوانات كما يصيب البشر.
 
قد يكون العامل النفسي مؤثرا في تحفيز المناعة العضوية ضد الفيروس، وأي أمراض أخرى، حسب أطباء، غير أن ذلك لا يعني أن الوباء افتقد طبيعته البيولوجية، ليتحول إلى جائحة نفسية عالمية، طبق الإيحاءات الحوثية بحديث متكرر عن التهويل والإرهاب الإعلامي.
 
التعامل الحوثي المخزي، بعمد أو بدون عمد، مع تفشي الوباء يعكس ما يترسخ، يوما بعد يوم، لدى اليمنيين في أن هذه العصابة فاشلة بكل المقاييس، حتى في محاولات التضليل وعكس الوقائع، بإشارة لا يجهلها المتابعون إلى تأصل الغباء واستحكامه في هذه العصابة، أفرادا وجماعة، قيادة وقاعدة. اللهم لا شماتة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية