فجأة، تعثرت في الفيس بوك بمنشور لأحدهم يتحدث عن المرأة، قلت بهزء لماذا ونحن في فوهة الكارثة يكتب هذا الرجل عن المرأة؟ لماذا وكل نساء البلاد في فوهة الحزن والبكاء طيلة السنة، وهن يفقدن أزواجهن، وأولادهن، وإخوتهن، وآبائهن، وأقربائهن، فهم سجناء، قتلى، جوعى، فلماذا تذكرت، يومك هذا، المرأة؟ لم أعجب بمنشور الرجل من ألمي، مررت قليلا فوجدت قبالتي مرة أخرى نصا عن المرأة، لماذا بينما الجوف سقطت ومأرب على شفا أن تسقط بيد الكهنوت تذكرتم المرأة؟ 
 
وجدتها ، نحن في الثامن من مارس، عيد المرأة العالمي، وخطرت أمي في بالي تلك اللحظة، أمي التي تبعد عني مئات الحواجز المتوحشة، حواجز الكهف الدموي، ولي منها سنوات، لم ترني منذ سنوات وكلما هاتفتها تبكي قديستي من الحزن، وكلما نويت أن أهاتفها أشعر بالتعاسة من فرط صوتها الكسير فلا أفعل وأفضل السكوت من سماعها وهي تشرح الوطن بالدموع، بكحة تكفي لشج أذن العالم فيصاب بالصمم، هذا العالم القميء بشدة الذي سمح لطاغية صعدة أن يسلبهن كل أحلامهن ولم يسمح لأحرار هذه البلاد مسح مسحة الخسارات من أعينهن المسودة بالموت.
 
تعالوا نتحدث في يوم المرأة العالمي، يا عالم الكذب على مراياهن اللامعات، وتضحياتهن، وكفاحهن، فنسوة اليمن لسن كالنسوة، إنهن ماجدات، ذوات عز وشموخ، لجدائلهن حدة، ولأعينهن بريق، لذا خاف الحوثي منهن، ها هو يسومهن العذاب، يزج بهن في السجون، افتتح لهن معتقلات حسب تقرير الخبراء الدوليين، تعرضن للاغتصاب، اختطفن من الشوارع، وضربوهن كل مرة وهن يحتججن لإطلاق سراح ذويهن، أحرقن أمهات الصحفيين جدائلهن، وأحرقوا في الأشهر الأخيرة عفة نساء أخريات فأين هي المرأة؟
 
وعلى ذكر تقرير الخبراء الذي ناقش العنف الحوثي ضد المرأة، التقرير لم يأت بجديد، تجنب بعلم أو دون علم الحوادث الجمة من سلطة الانقلاب، فالحوثي جعل من المرأة أداة للخدمة والجاسوسية بمسمى الزينبيات، إنها حقيقة نسائه لم يعدن كالماء، أمسين في حكمه فخاخ للإيقاع بالآخرين، وتطور الأمر، في أشد ما يمكن لمرء تخيله أن جعلوا منهن عصافير الليل للحصول على نقاط ضعف للسياسيين، كما يحدث في صنعاء، لم يحدث في تأريخ اليمنيين أن استخدموا النساء لأغراض كتلك فهم أهانوها على أكثر مما يمكن لشخص أن يتصوره. 
 
منشور واحد أعاد كل هذا إلى ذهني، تذكرت قبل أسابيع قصة الناشطة التي كانت معتقلة بسبب توثيقها للاتجار بأعضاء البشر في سجون الحوثيين ولن أشرح تفاصيل اعتقالها وتحقيقاتهم المهينة، أشعر بالخجل، خجل عام يحيط بأطرافي، فالزينبيات يبرحنهن ضربا، هكذا تحدثت سميرة الحوري، هددوها بابنتها الصغيرة، صعقوها بالكهرباء، احتجزوها في زنزانة أشبه بقبر، لكن المحزن المبكي معا، ااااه اااااه، نسوة اليمن حوامل من محققي الجماعة، يتعرضن كما قالت الحوري للاغتصاب، فتخيلوا موقف الأب من الحادثة أو الابن أو الأخ أو الزوج، ويفشل في الإفراج عن امرأة تتعرض للاغتصاب في السجن، تخيلوهم أهل كل امرأة في سجن الحوثيين وهم بلا حيلة يبكون ليلا ونهارا، إنها جريمة. 
 
انتهاك مرتزقة إيران لأعراض المعتقلات تكفي لأن نشنها حربا لا هوادة فيها، بلا مهادنة، فلا يسلم الشرف الرفيع من الأذى كما قال المتنبي حتى يراق على جوانبه الدم، نعم الدم، فما بالكم أن هذه الجماعة قتلت وسلبت ونهبت ولم تصن حتى شرف النساء، ماذا أبقت لنا حتى نحيا لأجله؟ لا شيء، تجاوزت الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية، إنها في الألفية الثالثة تدوس بمنظور ما قبل الألفية الأولى بألف وألف حقوق المرأة، بل كرامتها، وعفتها، الجماعة الكهنوتية لن تتورع عن ارتكاب كل الجرائم بحق العالم الإنساني أجمعه. 
 
لمن المضحك التحدث في يوم المرأة العالمي والكتابة بينما والمنظمات كلها تعلم بالعدّ سجينات يمنيات في معتقلات الحوثي، فهل أفرجت عنهن؟  الكتابة قاصرة مالم نذكر الماجدات في السبعين والدماء تسيل على وجوههن، وأصيلة الدودحي ابنة العود، من ينساها، ابنة إب، رمزيتنا المثلى، دافعت عن نفسها فقتلتها المليشيا، أصيلة لوحة مرسومة في جبين أصالة البلاد تحكي قصة الشرف الرفيع، أراقت كقصيدة المتنبي الدم، وقالت بعزم النساء في كل عصر: الموت للسفلة.
 
حاصل الكلام: اللعنة على المواثيق الدولية، تلك التي لا تصون امرأة في مجاهل اليمن، اللعنات، فلا سيادة لتلك المسودات الأممية إلا على الموت فقط، وستظل جريمة المليشيا بحق نساء اليمن جريمة تلاحق دعاة الإنسانية في أروقة الأمم المتحدة، ولن ننسى جرم الكهف ومن تغاضى عن الكهف فهذه اليوم ذكرى أليمة لكل يمني يفشل في الذود عن نسوته أمام أعتى الجماعات جرما، هولوكوست يمني، فاشية سلالية، وحكايات مرعبة ومخجلة.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية