يعد تصنيف الإدارة الأمريكية للحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب العالمي ضربة أساسية في قلب النظام الإيراني الذي يراوغ مع العقوبات التي شلت حركته واقتصاده وسياسته.

 

إن استهداف الحرس الثوري بالعقوبات هو قرار كان ينبغي اتخاذه منذ زمن طويل وسنوات كثيرة، وذلك لوضوح الجرائم الكثيرة التي ارتكبها الحرس على الصعيدين الداخلي، حيث قمع الشعب في انتفاضاته من قبل البسيج والتعبئة التابعة للحرس الثوري، فضلا عن نشاطات الحرس الخارجية وفيلق القدس ودعم المليشيات الطائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن بل نشاطات الحرس الثوري في مختلف أنحاء العالم.

 

يعد الحرس الثوري الركيزة الأساسية والعمود الفقري في النظام الإيراني ولولا الحرس الثوري لما استمر النظام في ولانهار منذ فترة طويلة.

 

إن الحرس الثوري يمارس نفوذاً هائلاً في السياسة والإعلام والاقتصاد والإدارة وكذلك في سياسات إيران العسكرية الداخلية والخارجية، ويرتبط بأعمال جبارة في الداخل والخارج بعضها واضح وبعضها مبهم للعيان، ومثال على ذلك الدبلوماسيون في الخارج، حيث هناك كثير من السفراء والدبلوماسيين في الخارج ووزارة الخارجية ومؤسساتها هم من خلفيات الحرس الثوري مثل السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي وغيره.

 

كذلك اللوبيات الثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية في لندن وواشنطن وباريس وغيرها هم من خلفيات الحرس الثوري الإيراني، فهل ستنالهم جميعا العقوبات الأمريكية بعد اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية على قوائم العقوبات العالمية؟

 

لا شك أن الحكومة الإيرانية استخدمت "الحرس الثوري" لإنشاء وتدريب وتسليح قوات شبه عسكرية وجهات فاعلة غير حكومية في بلدان أخرى، واتهم الحرس الثوري في الخارج بالتآمر وتنفيذ عمليات اغتيال في دول أجنبية.

 

إن الخميني قام بتأسيس الحرس الثوري الموالي له عقائديا كقوة عسكرية موازية للجيش الإيراني الذي يشك بولائه إلى ولاية الفقيه، فتحكم الحرس بالدولة وبات موازيا للجيش بل صار أقوى منه.

 

يضم الحرس خبراء في تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي ظهرت عند الحوثيين واستهدفت دولنا العربية، ويمتلك أيضاً قوات جوية وبحرية واستخبارات خاصة به، كما يسيطر بشكل مباشر وغير مباشر على مليارات الدولارات في عقود البناء والكهرباء والهندسة، وكذلك في المجالات الاستراتيجية الأخرى مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والإعلام، وترتبط عدة شركات كبرى بأفراد في الحرس أو يديرها أعضاء سابقون فيه.

 

يعدّ فيلق القدس وحدة النخبة داخل الحرس الثوري، وينفذ عناصره عمليات خارج إيران، وأسهموا في تدريب حزب الله في لبنان والمليشيات الشيعية في سوريا والعراق، وتم تصنيف الفيلق كداعم للمنظمات الإرهابية الأجنبية، بما في ذلك حركة طالبان وغيرها، من قبل وزارة الخزانة قبل أكثر من 10 سنوات.

 

وهناك الكثير من الهجمات التي تم ربطها بفيلق القدس، تشمل محاولة اغتيال عادل الجبير، السفير السعودي السابق في واشنطن، ومحاولة اغتيال دبلوماسي إسرائيلي في نيودلهي، والقبض على 5 عسكريين أمريكيين وقتلهم على أيدي مليشيا عراقية في هجوم عام 2007 في كربلاء بالعراق. ويُعتقد أن قوة القدس قد زودت الأسلحة في البداية ثم ساعدت في تدريب العراقيين على تصنيع العبوات الناسفة، التي تزرع على الطرقات، والتي يمكن أن تدمر المركبات المدرعة التي يستخدمها الجنود الأمريكيون في العراق.

 

وفي حين يقود اللواء محمد علي جعفري الحرس الثوري، وقاسم سليماني فيلق القدس التابع للحرس، إلاّ أن الأخير يفوق الأول أهمية، حيث يكمن دوره الخارجي في الهيمنة على 4 عواصم عربية من بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء من خلال المليشيات بوجود أكثر من 60 فصيل وحركة عراقية، من بينها العصائب والنجباء وحزب الله العراقي تتبع سليماني والمنتظر أن تصلها العقوبات الأمريكية.

 

لا شك أن الفرق واضح وكبير بين سياسات الرئيسين الأمريكيين أوباما ومساعديه جون كيري وجوزيف بايدن الذي تفاعل مع إيران وسمح لها بالتمدد وعقد الاتفاق النووي وما وراءه من امتيازات لإيران على حساب العرب والمنطقة، بينما ألغى ترامب الاتفاق النووي وبدأ بالعقوبات واحدة تلو الأخرى حتى جاءت هذه المبادرة في اعتبار الحرس الثوري مؤسسة إرهابية لشل النظام وضربه بالصميم وهو ما يشبه شل النظام العراقي السابق تمهيدا لسقوطه، حيث بات ضعيفا هزيلا بعد العقوبات الدولية.

 

وهنا تظهر ردود الفعل الكبيرة من النظام وقياداته ووعيده لشدة وقع هذا القرار على بنية النظام الإيراني ومؤسساته الحاكمة ولم تنفع عنتريات سليماني ودبلوماسية ظريف وتقية خامنئي. والسيناريو المطروح حاليا في إيران هو التحالف بين روسيا والصين والعراق مع النظام الإيراني، كما يظهر من تصريحات المسؤولين وآخرهم وزير الخارجية ظريف، لكنه أوهن من بيت العنكبوت كما هو معلوم.

 

 

*نقلا عن شبكة العين الإمارتية

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية