بعد كل هذا المسار المتواطئ من حزب الإصلاح، بات واضحا بما لا يدع مجالا للشك أن حزب الإصلاح لا يمكن اعتباره عنصرا فاعلا في دعم انتصار الشرعية في تعز وغيرها.

كلما جرى الحديث عن تحرير تعز، قفزت الأجندات الخاصة لإخوان اليمن إلى الواجهة، لتضع العثرات والعراقيل أمام أي تحركات حقيقية لإنقاذ المحافظة من براثن الوحشية الحوثية، التي تطوّق تعز وتنهش أبناءها من خلال السياسة الممنهجة التي تتبعها لقصف التجمعات المدنية، الأمر الذي جعل تعز في مقدمة الأخبار عندما يتم الحديث عن آثار الحرب المباشرة التي طالت المدنيين في اليمن جراء الحرب التي أشعلها الانقلابيون الحوثيون.

تتضافر أهمية تعز الاستراتيجية، كأكبر محافظات اليمن سكانا ومركزا ثقافيا وسياسيا هو الأبرز، مع مطامع وأجندات خفية ومعلنة للجماعات المسلحة التي تسعى للاستئثار بها وتحويلها إلى وسيلة من وسائل الصراع السياسي والعسكري.

لا تراهن جماعة الحوثي الموالية لإيران على الاحتفاظ بتعز، فهي تعلم أنها لا تمتلك أي نفوذ أو حاضنة شعبية تؤهلها للبقاء في هذه المحافظة، التي تتشبث بها لتحقيق مآرب أخرى في مقدمتها مقايضة الانسحاب منها في مقابل تحقيق مكاسب سياسية في حال تم التوافق على أية صيغة للحل في اليمن، تفضي إلى الإبقاء على سيطرة الجماعة الحوثية على ما تعتقد أنه مناطق نفوذها المذهبي التقليدية فيما بات يعرف بالهضبة الزيدية.

جماعة الإخوان المسلمين، التي يمثلها حزب الإصلاح، تنطلق هي الأخرى من حسابات خاصة فيما يتعلق بتعاملها مع ملف تعز، فهي تسعى بشكل حثيث لتحويل المحافظة وما تمثله من ثقل جيوسياسي، إلى مركز للسيطرة والسطوة الحزبية لا سيما بعد أن أدركت أن مأرب لا تفي بالغرض.

أصابع اتهام توجه لحزب الإصلاح وترى أنه يسعى إلى الحيلولة دون تحرير تعز، والمطالبة في نفس الوقت بتمويل تحرير المحافظة بهدف اجتذاب المزيد من عناصر القوة والدعم المقدمة من التحالف العربي لاستثمار هذه القوة المالية والعسكرية في مرحلة ما بعد الحرب، التي يرى الحزب أنه بحاجة فيها إلى أن يكون في كامل قوته لخوض صراعات محتملة مع بقية الأطراف المنضوية اليوم مع الإخوان تحت راية الشرعية، والتي تعارض بالطبع سياسة الاستحواذ والإقصاء التي يمارسها حزب الإصلاح في العديد من المناطق المحررة.

التوجيهات القادمة لكوادر الإصلاح في اليمن هي زرع المزيد من الألغام السياسية، والتمسك بمكتسباتهم الحالية، لاقتناص اللحظة المواتية والانقضاض على السلطة السياسية.

طيلة ثلاث سنوات كانت ميليشيات الإصلاح في تعز لا تلتزم بالخطط والقرارات الرسمية للشرعية والتحالف العربي، فهذه الميليشيات اعتادت على تنفيذ خطط وأجندات أميرها السري عبده فرحان، والذي يعرف باسمه الحركي سالم، باعتباره صاحب الكلمة الأولى في القرار العسكري والأمني في تعز، والأدلة كثيرة على حرص هذه الميليشيات على إفشال جميع العمليات والخطط لتحرير المحافظة من سرطان الحوثي.

المعطيات على الأرض تشير إلى أن وتيرة السيطرة الإخوانية في تعز تتصاعد يوما بعد يوم، من خلال إحكام قبضة الجماعة على المفاصل العسكرية والأمنية والمدنية، وتمرير الكثير من القرارات التي تصب في اتجاه تمكين الجماعة في تعز وهو ما بدا جليا من خلال آلاف التعيينات العسكرية والأمنية في قيادة محور تعز، بهدف التحكم في القرار العسكري والأمني مستقبلا.

بالتوازي مع ما سبق فإن جماعة الإخوان، ممثلة بحزب الإصلاح، تتبع سياسة إعلامية متشددة ترتكز على تشويه خصومها السياسيين والمناوئين لها في التيارات المدنية والإسلامية الأخرى ذات الشعبية في الشارع التعزي، مثل اليساريين والناصريين وحتى السلفيين، وهو ما يندرج ضمن استراتيجية شيطنة الخصوم قبل الانقضاض عليهم.

كما أطلق حزب الإصلاح حملة تشويه في الآونة الأخيرة سلطها للنيل من التحالف العربي لدعم الشرعية عموما والإمارات خصوصا، عقب تسرب أنباء عن اعتزام التحالف التخطيط لعملية واسعة لتحرير كامل تعز وإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم بين الإخوان والحوثيين، وتعزيز دور السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في المحافظة.

وبعد كل هذا المسار المتواطئ من حزب الإصلاح، بات واضحا بما لا يدع مجالا للشك أن حزب الإصلاح لا يمكن اعتباره عنصراً فاعلاً في دعم انتصار الشرعية في تعز وغيرها، بل على العكس تماما، فالتوجيهات القادمة لكوادر الإصلاح في اليمن هي زرع المزيد من الألغام السياسية، والتمسك بمكتسباتهم الحالية، لاقتناص اللحظة المواتية والانقضاض على السلطة السياسية، هذا ما يسعى إليه الحزب الذي لا يعرف انتماء إلى وطن أو اعترافا بتضحيات دول التحالف في سبيل إعادة الشرعية وحماية الأمن القومي العربي.

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية