«الكبار» يتسابقون لإنقاذ المليشيات الحوثية
تسابقت المواقف الأوروبية لمساندة وتأييد الموقف الأمريكي الداعي إلى إنقاذ مليشيات الحوثي في اليمن من خلال مقترحات متعددة لوقف العمليات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية المشتركة ضد وكلاء إيران واستكمال تحرير ما بقي من محافظات ومدن يمنية من قبضتهم.
افتتح وزير دفاع الولايات المتحدة المخطط الهادف إلى تدارك المليشيات الحوثية بنشاط سياسي استباقي يحول دون استكمال تحرير ما تبقى من محافظات يمنية وتأمين الساحل الغربي لليمن من النشاطات الإيرانية التي تهدد المصالح الدولية وخطوط الملاحة البحرية.
واليوم ذهب وزير خارجية واشنطن إلى تحديد مدة زمنية لوقف العمليات العسكرية، ووضع مقترحا بإيقاف المليشيات الحوثية إطلاق الصواريخ تجاه السعودية، مقابل وقف التحالف للعمليات الجوية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن المشاورات التي يخطط لها المبعوث الأممي جريفيث ينبغي أن تبدأ في نوفمبر تشرين الثاني "لتنفيذ إجراءات بناء الثقة والتعامل مع القضايا الشائكة في الصراع ونزع السلاح عند الحدود ووضع كل الأسلحة الكبيرة تحت رقابة دولية"...
وكانت المليشيات الحوثية أعلنت سابقا رفضها أي نقاش حتى حول تسليم سلاحها لأي طرف كان، وأصدرت بياناً قطع أي محاولات لبحث مقترحات لنزع القوة الصاروخية لديها التي تزودها بها إيران مهما كانت المبررات.
كما رفضت المليشيات الحوثية مقترحات وزير دفاع واشنطن ببناء منطقة منزوعة السلاح على الحدود مع السعودية، الأمر الذي يجعل الجهود الأمريكية والأوروبية مجرد غطاء لإطالة أمد وعمر المليشيات الحوثية وبقاء عديد من المحافظات والمدن تحت سيطرتها وبطشها إمعانا في زيادة معاناة ملايين اليمنيين.
وفي ذات المنحى ذهبت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا بإعلانها تأييد دعوة الولايات المتحدة إلى وقف التصعيد في اليمن، لكنها كانت أكثر صراحة بالقول إنه لن يكون لوقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تأثير على الأرض إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة“..
وصعّدت ألمانيا من موقفها بإعلانها وقف تصدير السلاح للسعودية ولحقتها فرنسا بإعلان دراسة فرض عقوبات على الرياض تتعلق بوقف تصدير السلاح الذي يشكل 7 % من صادرات السلاح الفرنسي.
وفي حين تربط الضغوط الدولية على الرياض بين الحرب في اليمن وقضية مقتل الصحفي السعودي خاشقجي تتخذ الدول -التي تطالب بإنهاء مهمة التحالف لاستعادة الدولة في اليمن - من قضية الصحفي السعودي مدخلا للتصعيد ضد الرياض والضغط باتجاه فرض واقع جديد يمنح مليشيات الحوثي امتيازات جغرافية وعسكرية وسياسية أكبر من حجمها على الساحة اليمنية.
من جهته رحب المبعوث الأممي مارتن غريفيث بالدعوات الأخيرة لوقف العمليات العسكرية، وشدد على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع؛ بينما لم ينجح في إقناع المليشيات الحوثية بإرسال وفدها إلى حوار جنيف الذي انتهى بفشل المبعوث في التعاطي مع مطالبها وعرقلتها لكل محاولات بناء السلام.
وكان المبعوث الأممي تحرك في سبتمبر الماضي وعمل على إيقاف العمليات العسكرية لتحرير الحديدة بذريعة إعطاء مساحة للتحركات السياسية، وتم وضع مقترحات كتسليم المليشيات للحديدة وللميناء كتكتيك مؤقت تلاشى مع رفض المليشيات الحوثية التجاوب مع الموعد والمكان المحددين للتفاوض.
ويظهر التنسيق في إصدار المواقف والضغط لوقف ما سمي بـ "التصعيد العسكري" في اليمن عملية الترتيب لإنقاذ المليشيات الحوثية من هزيمة مرتقبة تنتظرها في جبهات الساحل الغربي وصعدة، وهو مالا ترغب بحصوله واشنطن ومعها الدول الفاعلة في المشهد الدولي.
إن رهان واشنطن والاتحاد الأوروبي وبريطانيا على خروج مبعوث الأمم المتحدة بصيغة توافق سياسي بين الشرعية والمليشيات الحوثية الانقلابية رهان خاسر كون هذه المليشيات أفشلت ورفضت جهودا كبيرة وتنازلات عديدة قدمت سابقا للوصول إلى حل سياسي وإنهاء الحرب.
ويبقى حديث الكبار في عواصم الغرب عن الكلفة الإنسانية مزايدة واستثمارا للورقة الإنسانية في العمل السياسي لأن من صنع الأزمة الإنسانية هو الانقلاب والحرب الظالمة التي تشنها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على اليمنيين منذ 4 سنوات مستهدفة كل عوامل الحياة والبقاء والعيش الكريم.