مصرع الغماري.. ضربة تفكك عقل الحوثيين العسكري وتكشف هشاشة بنيتهم الأمنية
لأكثر من 50 يومًا أخفت مليشيا الحوثي الإرهابية خبر مقتل رئيس أركانها محمد عبدالكريم الغماري، الذي يعد أحد أبرز قادتها العسكريين ومهندس منظومتها القتالية منذ حروب التمرد الست، وذلك إثر ضربة إسرائيلية سابقة.
وكانت إسرائيل استهدفت في 28 أغسطس الماضي اجتماعًا لحكومة المليشيا غير المعترف بها، ما أسفر عن مقتل رئيسها أحمد الرهوي و11 مسؤولًا آخرين، إلى جانب قيادات عسكرية وأمنية رفيعة في صفوف المليشيا، وأحدثت تلك الضربة ارتباكًا واسعًا في بنيتها العسكرية والأمنية.
- ضربة موجعة للمليشيا
يرى مراقبون أن مقتل القيادي الغماري شكّل ضربة موجعة للمليشيا الحوثية، كونه أحد أبرز قادتها العسكريين ورئيس ما يسمى بـ"المكتب الجهادي"، والمسؤول عن عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن فضلاً عن اتصاله المباشر بزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
ويشير المراقبون إلى أن الغماري يعد أبرز قائد عسكري حوثي يُقتل منذ بدء الضربات الأمريكية والبريطانية ولاحقًا الإسرائيلية، ما يجعل من مقتله ضربة قاصمة للمليشيا تخلق حالة من الإرباك في صفوفها، خاصة على المستوى العسكري.
المحلل السياسي اليمني عبدالستار الشميري قال لـ"وكالة 2 ديسمبر"، إن مليشيا الحوثي تلقت خسارة موجعة بمقتل رئيس أركانها محمد الغماري، والذي يعد من القادة البارزين في الصفوف الأولى للمليشيا.
وأضاف الشميري، أن الغماري يعد مؤسس أول وحدة ألغام في صفوف المليشيا في الحروب الست الأولى ضد الدولة اليمنية، وكان مقربًا من مؤسس حركة المليشيا الحوثية الصريع حُسن الحوثي، كما أن هذه العلاقة انتقلت لاحقاً لتربطه بعبدالملك الحوثي.
- تجزئة الصدمة
وحول توقيت إعلان الحوثي يشير الشميري إلى أن تأخير إعلان مقتل الغماري يأتي في إطار سياسة المليشيا للملمة صفوفها بعد الضربة الموجعة، وبهدف تجزئة الصدمة في صفوف مقاتليها وقيادتها العسكرية الأخرى.
وبعد إعلان مقتل الغماري، سارعت المليشيا لتعيين يوسف المداني في رئاسة هيئة الأركان التابعة لها، والذي يعد هو الآخر حلقة الوصل بين المليشيا والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ومن أبرز قيادة المليشيا العسكرية.
في السياق يقول الخبير العسكري العقيد ياسر صالح، إن سبب التأخير في إعلان مصرع الغماري له أبعاد أمنية إلى جانب محاولة المليشيا إعادة ترتيب الصفوف، باعتبار الغمار ركناً أساسياً في البناء العسكري للمليشيا ومقتله ليس سهلاً عليها.
ويضيف صالح، أن عملية الاستهداف تمت وفق معلومات تكنولوجية، وأن المليشيا سعت لتأمين دائرة التواصل التي كانت مع الغماري خوفًا من استهداف آخر، وذلك لأن دائرة التواصل بالغماري كانت واسعة من حيث القادة العسكريين الميدانيين والعملياتيين وقادة مجلس الظل وزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
- مسؤول الهجمات الصاروخية العابرة
يعد الغماري المسؤول الأول عن الهجمات الصاروخية العابرة، والهجمات العسكرية ضد السفن في ممر الملاحة البحرية، إلى جانب تلقيه دعمًا عسكريًا ونفوذًا واسعًا في إدارة التنظيم العسكري للمليشيا من قبل قادة الظل الحوثية والإيرانية.
وكان الغماري هو من تبنى وبدعم إيراني مخطط دمج استنساخ حرس ثوري باليمن من خلال دمج ما تسمى "اللجان الشعبية" داخل هياكل وزارة الدفاع بصنعاء، وقد برز اسمه منذ عام 2021، عندما أشرف على الهجوم البري الواسع على مأرب.
وفي مايو 2021، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية القيادي العسكري الحوثي محمد الغماري على قائمة العقوبات وذلك بتهمة تهديده الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، وفي نوفمبر من العام نفسه أدرجته الأمم المتحدة ضمن قائمة العقوبات بموجب قرارات مجلس الأمن، وذلك لدوره المحوري في تصعيد حرب المليشيا ضد اليمنيين.