بيدين نظيفتين وابتسامة مرتسمة على محياه، سلّم الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح راية الحكم يوم الـ27 من فبراير 2012، طاويًا بذلك مسيرة ثلاثة عقود في سدة الحكم، شكلت العهد الذهبي لليمن.. عهدًا حفل بالكثير من الإنجازات التي تحققت في عهد المؤسس الأول للديمقراطية، الرئيس الذي أرسى دعائم العدالة والحرية والمواطنة المتساوية وقاد البلد في منعطفات حرجة وظروفٍ معقدة نحو آفاقٍ رحبةٍ من التطور والازدهار، وفي اللحظة التي استشعر فيها المؤامرة التي تُحاك ضد وطنه وشعبه، حاول جاهدًا قطع الطريق أمام المتربصين ودعاة الشر، وسلّم ما استأمنه عليه شعبه وهو الذي كان يملك كل أدوات القوة.
ودون أن يكترث للأدعياء؛ وضع المصلحة الوطنية العُليا نصب عينيه وقرر الترجل من سدة الحكم والعودة إلى بيته ليعيش مواطنًا أدى ما عليه من واجب بكل إخلاصٍ وتفانٍ.
 
 أنجز الشهيد الزعيم اليمن الحديث، وأرسى ورعى مسار التجربة الديمقراطية وحافظ عليهما، وسلم راية اليمن الموحد في لحظة تاريخية مشهودة. 
 
لم يكن ذلك في وضع طبيعي؛ بل بعد موجة اضطراب حادة منذ العام 2011، عاش فيها البلد مرحلةً خطيرةً وحالكة، كاد أن يسقط خلالها في بركة من الدم عندما كانت المؤامرات تسن أنيابها للانقاض عليه والانزلاق به إلى ماهو عليه اليوم من حروب وتمزق وعودة للإمامة بأبشع صورها.. كان الرئيس صالح قد سيّر الأمور بمقاديرها وقاد اليمن بحالة من اليقظة والانتباه والحرص الشديد، حتى أرسى في النهاية، في قرارة نفسه، أن يغادر المشهد ديمقراطيًا، ولكي لا يبقى أمام المغرضين من مبرر وادعاء لهدم الوطن.
 
بتلك الخطوة، أنقذ اليمن من براثن الضغينة العمياء، وصاغ المبادرة الخليجية وحوّل الفوضى الإسقاطية العمياء إلى حالةٍ ديمقراطية من التبادل السلمي للسلطة؛ أقام حفلًا وسلم العلم للرئيس الجديد، قائلًا: أسلمك اليمن موحدًا فحافظ عليه.
 
اليوم، وقد مضى أكثر من عقد، لا زال اليمنيون يتذكرون جيدًا تلك الأيام، تلك الخطابات، تلك النصائح والتحذيرات التي قالها الزعيم ببُعد نظر وبدافع المسؤولية الوطنية. حتى من تمترسوا خصومًا بكل مقامرة، أدركوا حقيقة ما حذر منه الزعيم الشهيد، وأيقنوا أن ما هزئوا به كان صدقًا وحقيقة أدركوا قيمتها، ولكن بعد فوات الأوان.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية