ليس استجراراً للصراع.. أو ليكن..
تعرضت الأموية لأبشع عملية تشويه عبر التاريخ من طرفي الهاشمية وساعدت مكانة علي في البنية الإسلامية على تأكيد التهم، فالطرف العلوي كان يضمن بقاءه وتواتر دعوته بالنيل من الأموية ولكن كانت الضربة الكبرى التي أودت بالتاريخ الأموي عباسية.
 
لا يمكن للعباسي أن يضمن البقاء والحكم والخلافة في الوعي الإسلامي إلا بتشويه الأموية. 
 
لا أقصد هنا إسقاط الدولة الأموية بل قد سقطت لكن أقصد الكثافة في تشويه المرحلة الأموية. 
 
لم يبدأ التدوين وحفظ الأخبار وكتابة كل شيء ودراسته إلا في العصر العباسي ونحن نتداول المذبحة بحق بني أمية بعد سقوط دمشق لا يجب أن ننسى مذبحة أشد وأدمى وهي بحق الحقيقة.
 
ذبحوا الحقيقة بأقلام فارسية خاصة أن عمود العباسية أهل فارس وكانوا من ماضيهم أهل علم وثقافة وكلام وكتابة وشعروا بوجوب الانتقام من العرب الذين يتمثلون بالأمويين وكلما أرادوا ذبح عمر بن الخطاب في نقلهم وعقلهم ومحابرهم ذهبوا لتشويه معاوية وكل الأمويين.
 
كلما تذكروا مصارع كسرى وفارس أفرغوا غيظهم ضد الأمويين وهذا يوافق هوى العباسيين الذين ظلوا يشعرون وهم الحكام بالنقص أمام تاريخ بني أمية.
 
سلالة العباس حكموا رقعة مهدتها سيوف وعقود بني أمية.
لم يستطيعوا إضافة أي شيء يذكرهم بالتاريخ فكل شيء قد حازته سلالة أمية.
كان السفاح يشعر بالنقص أمام معاوية.
ويشعر المنصور بالنقص أمام عبدالملك والمأمون أمام الوليد وكل حاكم عباسي يجد أن ما يقابله من بني أمية يشعر بالنقص أمامه وطفرة التدوين آنذاك والكتابة طمست كل خير للأموية. 
حولت معاوية إلى خاطئ ويزيد إلى فاسق وعبدالملك بن مروان إلى تارك للقرآن.
الحجاج طاغية.. فيما تحول هارون الرشيد إلى مجاهد يحج عاماً ويغزو عاماً،
وهنا يجب أن نتوقف! 
 
لم يكن عبدالملك وولده الوليد يفعلان ذلك ولكن جيوشهما فتحت أوروبا وغالبية المشرق. 
فأين غزوات هارون الرشيد؟
إذا كان يغزو عاماً عاماً فما البلاد التي مهدها لحكمه؟
كل ما حكموه كان خلافة لبني أمية بل فقدوا الأندلس باستقطاع الداخل تلك البلاد لنفسه.
 
ولم يتحدد مذهب الدولة العباسية.. كل خليفة له مذهبه.. على رأي الخليفة..
خليفة معتزلي.. سواه شافعي.. وآخر مرجئي.. والمستعصم شيعي.. كانت خليطاً من الفرس.. والترك.. وأطماع الهويات الكثيرة.. وبرزت في حينها الشعبوية.. وتكفل الفرس بتدوين الحديث وقولبة عقلية الخلافة بما يوافق الهوى الفارسي وكتابة التاريخ بعقلية المنتصر الخصم.
وتاريخ بني أمية كتب في عهد بني العباس.. تخيلوا هذه فقط!
والطبري..
الطبري الشيعي كان قلم التشويه وما زلنا نعتد برأيه إلى اللحظة وعلينا كجيل جديد يختلف عما سبقه أن نعيد تشكيل كل شيء وقراءته وتوضيحه وأن لا نكون مجرد حامل لرواة خدموا السلطة السياسية وعصبيتهم وأطماعهم آنذاك..
أثق بمحقق حالي أكثر من الطبري.. ولا أثق بدولة رسمت برسم فارسي وشيعي.
 
وللمقاربة بين هذه وتلك عليكم دراسة المراحل كلها من السياسة إلى الاجتماع إلى التفاصيل الصغيرة وتاريخ النكتة والملابس ففي التاريخ أن عبدالملك بنى مسجد قبة الصخرة بديلاً للكعبة!
ما هذا الهبل؟
هذه من مغالطات العباسية.. وحولوا المكرمة إلى مذمة..
حولوا الحجاج وهو سيد المشرق الذي ساد به العرب والإسلام إلى طاغية، ورغم نقدي للحجاج بأشياء كثيرة لكنه كان باباً يسد الفتن والأهواء، ويمهد العالم للإسلام.. فحولوه إلى طاغية. 
وأشك برواية هدمه للكعبة.. من كتب ذلك؟ ابن قتيبة. واليعقوبي بميوله الشيعية.. 
وهشام بن عبدالملك من أعظم وأحزم الخلفاء وتحول في كتاب الأغاني لرجل من أصفهان إلى سكير عابث وهذه كذبة فكان كل من يريد أن ينال حضوة لدى أمير عباسي يكذب على بني أمية.. وأسباب تواتر هذه الكذبات وتحولها إلى حقيقة هو استمرار خلافة بني العباس إلى ما يقارب ألف عام لم يتح لأي عهد جديد أن يعيد صياغة التاريخ، وبعد ذلك أتت العثمانية البعيدة عن هذه التفاصيل كل البعد..
 
والفرق بين الأموي والعباسي واضح وجلي:
العباسي: قام بذبح كل رجال بني أمية ولعنهم ونبش قبورهم وكذب مختلف على مر العصور ضدهم. 
الأموي: بعد هرب عبدالرحمن بن معاوية بن هشام الأموي عند سقوط الشرق بيد بني العباس إلى الأندلس واستقطاعه بسلطان الأندلس بعيداً عن سلطة بني العباس رفض أن يتسمى بشارة الخلافة وكان فقط سلطان الأندلس.
قيل له لماذا وهم أعداؤك؟ أجاب: لا يجتمع في الأرض خليفتان ويقصد خليفة عباسي وأنا خليفة.
وقال: من يحكم مكة والمدينة والحج والمشرق هو الخليفة!
تأملوا بهذا التسامي الأموي.. وهم أعداؤه الذين قتلوا كل عائلته وذبحوا شقيقه وهما يهربان بنهر الأردن أمام ناظريه..
 
كان الداخل ينظر للمصلحة العامة والعليا وليس لشهوة انتقام وسلطة.
وقبل ذلك كان عبدالله بن علي بن عبدالله بن العباس مؤسس الدعوة السرية للعباسيين ينزل في الحميمة بمقربة من الشام أثناء خلافة هشام وقد تناهى إلى سمع هشام كل شيء ولكن رفض أن يودي به وشيعته لعدم وجود البينة.. هؤلاء هم بني أمية..
 
بنو العباس عندما أرادوا الحكم ذهبوا للغريم التاريخي للعرب وهم الفرس وبهم أسقطوا دولة العرب.
 
وأما عبدالرحمن الداخل بعد سقوط خلافة أمية فر إلى المغرب وحث الخطى إلى العرب حيث القيسية واليمنية، وهذا هو الفارق المختلف.
 
أريدكم أن تستقروا التاريخ ولا تنجروا للكذبات العابرة للقرون.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية