ما تحتاج إليه معركتنا الوطنية ضد الحوثي
الوضع اليمني الحرج يستدعي معادلة هامة تتمثل في أن تصبح فكرة "المقاومة الوطنية ثقافة مجتمعية عامة"، تتحكم بكل جوانب التفكير والسلوك والمنظور العام تجاه كل شيء في حياة اليمنيين، سواء في الشأن العام أو الخاص، وفي مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولو أصبحت هذه المعادلة الجوهرية نمطاً للتفكير والسلوك سنكون قد بدأنا فعلياً في المضي في المسار الصحيح.
وبصورة مبسطة تعني المقاومة الوطنية أن يصبح همنا الجوهري البحت منصباً في الكيفية التي تمكننا من استعادة الجمهورية والقضاء على المشروع الحوثي الفارسي في يمننا، وصد كل محاولات عودة الإمامة بكافة أشكالها وصورها ومناهجها وخرافاتها، ووسائل القمع والعنصرية التي تهدف لإجبار اليمن أرضاً وإنساناً على القبول بوهم الاصطفاء في الحكم والانقلاب على السلطة الشرعية ونهب الثروات العامة والخاصة وتجويع الشعب، وإغراقه بالفقر والتخلف والجهل.
ففي الجانب السياسي، تتمثل المقاومة الوطنية بالاصطفاف خلف قيادة وطنية موحدة، همها الأول والأخير هو تحرير الوطن من عملاء إيران وعودة اليمن إلى حالة الاستقرار والسلام والديمقراطية والتشريع الدستوري، وتفعيل المكانة الحقيقية لليمن بموقعها الاستراتيجي وفاعليته في الممرات الدولية وطرق التجارة العالمية، وليس كدولة مفككة يقطنها الإرهاب والانقلاب والجماعات الدينية المتطرفة المعادية لدول الجوار والمحولة للإنسان اليمني إلى مجرد قطيع يُستغل في مشاريع التمزق والضياع؛ وهذا يعني الخلاص من الخلافات السياسية في الماضي والحاضر ونبذ الفرقة وتقوية الروابط الوطنية والتخلص من الرؤى الضيقة والتصنيفات الغوغائية، التي يغذيها العدو الحوثي ويتلاعب بنا من خلالها ليضمن بقاءه واستمراره.
لو ظهرنا كقوى وطنية موحدة لارتعب عدونا وانهارت معنوياته؛ فقوته تتهاوى من مجرد فكرة توحدنا؛ فما بالك بسريانها كحقيقة في الواقع، لحظتها سننجز مهمتنا الوطنية في زمن قياسي وبأقل التكاليف، فالوطن لا ينقصه الرجال الشرفاء ولا القيادات العسكرية.
ومن الناحية الاجتماعية، تترجم المقاومة الوطنية في تعزيز التواشج الاجتماعي وعدم هدر أبنائنا وإخواننا قتلى وضحايا مع مسيرة الكهنوت، وأن تستعيد القبيلة تماسكها وقوتها، وتدعم بمالها ورجالها المقاومة الوطنية وتتيح لكل القادرين على حمل السلاح للانضمام إلى صفوف المقاومة والجيش الوطني وحراس الجمهورية، بعيداً عن النظر للمسألة كفرصة للعمل وجني المال والرواتب، فالأمر يتعلق بالدفاع عن وجودنا وكرامتنا مع اختلاف المسميات والجهات الساعية في طريق تحرير الوطن، كما يجب الحرص على عدم الاستجابة لكل الأساليب السلالية التي تحاول خلط الأوراق وبث الثارات الاجتماعية بين مختلف أطياف المجتمع لتفكيك النسيج الاجتماعي وإنهاك المجتمع بالتفرقة والعدائية وإغرائه بشعارات براقة زائفة، وتحميسه على النهب والسلب.
أما من الناحية الثقافية، فالمقاومة الوطنية تتجسد في أن تنصب جهودنا الثقافية والإعلامية والصحفية في الوسائل المتاحة والممكنة في درب واحد غايته استعادة دولتنا وجمهوريتنا، وأن يكون كل حرف وكلمة وجملة تزأر في وجه العدو وتهشم وجهه النتن، وأن نكثف نشاطاتنا الثقافية والفكرية والأدبية بما يخدم مشروع المقاومة الوطنية وخطاها الثابتة في تحرير الوطن، وألا نهدر طاقاتنا في الميتافيزيقا السياسية والتبريرات الضحلة التي تساوي بين الصديق والعدو، وتسعى لتفخيخ عقول العامة بترويج الأفكار السلالية وإقناع البسطاء بتسويق العنصرية الدينية كما لو أنها من القيم الدينية الثابتة.
وما أود قوله في السطور الآنفة، أن نتبنى ثقافة المقاومة الوطنية كسلوك ورؤية ننظر من خلالها لكل ما حولنا ولحاضرنا ومستقبلنا حتى نزيل ذلك الغبار الحوثي المتسرب في هويتنا وتاريخنا ومبادئنا الإنسانية والأخلاقية ووعينا الوطني الجمهوري.