مزارعون في الجوف يفضحون مزاعم مشاريع "الاكتفاء الذاتي".. خطط حوثية للسيطرة على أخصب الأراضي الزراعية (تقرير)
تحول الإمكانية المالية دون قدرة مزارعي الجوف على استثمار كامل حقولهم الزراعية الواسعة التي يملكونها، وعلى الرغم من المبادرات المجتمعية التي قاموا بها للتوسع في زراعة أراضيهم الخصبة، إلا أن مليشيا الحوثي تضع العراقيل أمامهم بهدف الاستحواذ على الأراضي الزراعية الخصبة.
ومما ضاعف ذلك، أن مشرفي مليشيا الحوثي بدأوا بمنافسة المزارعين في هذه المحافظة الغنية بتربتها الخصبة، ما يدفعهم إلى وضع قيود وعراقيل بشكل مستمر أمام المزارعين، بهدف إجبارهم على ترك أراضيهم، أو بيعها بأثمانٍ بخسة.
يقول زايد لـ"2 ديسمبر"، مكتفيًا بإعطاء اسمه الأول خشية التعرض للملاحقة من قِبل المليشيا: "على الرغم من المبادرات المجتمعية التي أطلقها مزارعو الجوف بهدف استنهاض العمل الزراعي، إلا أن هناك عراقيل تتمثل في منع المنظمات الداعمة بالمحافظة من العمل، فضلًا عن القيود التي وضعتها الحركة التابعة لإيران أمام المستثمرين".
ويؤكد أنه لا يستطيع زراعة حقوله التي تبلغ مساحتها 1500 لبنة، وهي مساحة كبيرة تتطلب إمكانيات مالية عالية يعجز عن توفيرها بمفرده، كحفر آبار جديدة تكفي لريها، وشراء وتركيب منظومات طاقات شمسية، فضلًا عن تزويد التربة بالأسمدة والمتطلبات الزراعية".
يتابع زايد، وهو أحد المزراعين في المتون: إن سيطرة مليشيا الحوثي على المحافظة، خلق وضعًا اقتصاديًا صعبًا، بحيث لا يستطيع المزارع بمفرده دون الاستعانة بشركاء ومستثمرين، زراعة الحقول، كما أن المليشيا أوجدت قيودًا كثيرة تعيق المزارعين عن استغلال حقولهم، وجني الأرباح.
وفيق، هو الآخر، مزارع من منطقة المتون، ويعاني من القيود الحوثية، لكنه استطاع إقناع أحد المستثمرين باستثمار جزء من أراضيه الزراعية لأربعة أعوام، مقابل حفر آبار وشراء منظومة طاقة شمسية، على أن يتم خصم تكاليف ذلك من حصة الأرباح الخاصة به، وفقًا لما نص عليه الاتفاق القانوني الموقع بينهما.
يقول وفيق لـ"2 ديسمبر": مكتفيا بإسمه الأول إن الإقبال على الاستثمار في أراضي المحافظة الزراعية ضئيل جدًا؛ نظرًا لعمليات السطو الحوثية، إذ ينظر المستثمرون للعروض المقدمة بوصفها دون فائدة، كونها تقع في بيئة مهددة، وغير صالحة للاستثمار، بسبب الأعمال العدائية التي تقوم بها مليشيا الحوثي، ضد كل ما يعود بالنفع على المواطنين.
ويؤكد هذا المزارع البالغ من العمر نحو خمسين عامًا، أن مليشيا الحوثي لا تقدم أي مساعدات للمزارعين من أي نوع، بل إنها تسعى إلى نهب الأراضي الزراعية، ودفع صغار المزارعين إلى بيع أراضيهم بأثمانٍ بخسة، عبر فرض قيود وإجراءات تجبرهم على ذلك.
وفيما يتعلق بمزاعم المليشيا حول سعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال دعم المزارعين؛ ينفي ردمان تقديم المليشيا أي دعم للمزارعين، وفي حقيقة الأمر أن ما تقوم به يتمثل في زراعة حقول تتبع مشرفيها.
مواجهة إجراءات الحوثي
أدرك مزارعو الجوف أهمية توحيد جهودهم في مواجهة الإجراءات الحوثية، وبذلوا مساعي تُعد الأكثر نشاطًا لتخطي عراقيل المليشيا، وقاموا بإنشاء ثلاث جمعيات تعاونية زراعية، لتقديم المشورة والدعم الذي يسهم في تفعيل النشاط الزراعي.
وبحسب رئيس إحدى الجمعيات التعاونية، طلب عدم ذكر اسمه؛ تم تحديد خطة متكاملة لعمل الجمعيات، تشمل استصلاح الأراضي الزراعية وحفر الآبار وتوفير الأسمدة والبذور ومنظومات طاقة شمسية، وجلب مستثمرين، ومطالبة المنظمات والجهات المانحة بتوفير الأسمدة والدعم المادي.
لكن خطوات المزارعين لم تسلم من أذى الحوثي؛ إذ إن الجهات الخاضعة لمليشيا الحوثي بالمحافظة، أجهضت تلك المساعي، وعطلت عمل الجمعيات قبل ولادتها.
ويختم حديثه بالقول: فوق ذلك ترفض مليشيا الحوثي تقديم الضمانات القانونية للمستثمرين، باعتبارها سلطة الأمر الواقع، بل إنها أوعزت للمؤسسات القضائية إحباط أي إجراء يتعلق بالاستثمار الزراعي بالمحافظة، ما يؤكد جهود الحركة التابعة لإيران في تدمير القطاعات الاقتصادية التي يديرها المواطنون، والاستيلاء عليها.