اعتباراً من الأحد القادم.. استئناف العملية التعليمية بتعز تجاوباً مع وعود بصرف مستحقات المعلمين
أقرت نقابة المعلمين في محافظة تعز، جنوبي غرب البلاد، تعليق الإضراب في جميع مدارس المحافظة في المناطق المحررة، اعتباراً من صباح يوم الأحد 28 أغسطس/آب الجاري، بعد يومين على بدء إضراب جزئي في مختلف المدارس.
وقال مسؤول في النقابة، إن تعليق الإضراب جاء تماشياً مع وعود تلقتها النقابة بصرف مستحقات مالية للتربويين، مؤكداً الاستمرار بالمطالبة بحقوق التربويين.
ومنذ أسبوعين، دُشن عام دراسي جديد في المحافظات المحررة؛ لكن مدارس محافظة تعز أوصدت أبوابها أمام الطلاب؛ استجابة لدعوة إلى إضراب شامل أطلقتها النقابات التعليمية، وتوعدت باستمراره حتى تحقيق مطالب المعلمين كاملة.
ويعيش المعلمون في تعز ظروفاً مأساوية أسوة بزملائهم في باقي المحافظات، إلا أن الحالة الخاصة التي تعيشها تعز بسبب حصار مليشيا الحوثي فاقمت أزمتهم وأوصلتهم لاتخاذ قرار الإضراب للفت انتباه الجهات المختصة في الحكومة.
تتمثل طلبات نقابة المعلمين للجانب الحكومي في إطلاق العلاوات السنوية الموقوفة منذ العام 2014م بأثر رجعي، ورغم التوجيه الحكومي الرسمي بصرف العلاوات تزامنًا مع مرتبات شهر أغسطس الجاري، إلا أن مصادر تربوية أكدت أن تعزيزاتها المالية لم تصل المحافظة، ما يعني وجود أزمة حالت دون إطلاقها.
ومع الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني كنتيجة طبيعية للحرب التي تشنها مليشيا الحوثي، انخفضت قيمة راتب الموظف الحكومي بنحو 300% مقارنة بالعام 2014، وهو ما دفع النقابة للمطالبة بصرف غلاء معيشة بما يساوي نسبة فقدان صرف الرواتب كحدٍّ أدنى، إضافة إلى اعتماد التسويات المتوقفة منذُ العام 2012، علاوة على مطالبتها برفع الأجور بما يتناسب مع خط الفقر والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأساسية.
لم تتسبب الأزمة في إحداث فجوة بين الواقع المعيشي ورواتب التربويين على المعلمين فحسب؛ إذ إن مستويات تحصيل الطلبة تناقصت بشكل لافت خلال الأعوام الماضية إلى جانب حالة تسيّب كبيرة طرأت على متابعة اختبارات الشهادة الثانوية وما أفرزته من نتائج لها صلة بالوضع المعيشي الصعب للمعلمين.
وتطالب النقابة بإعادة هيكلة الأجور والمرتبات لكل الدرجات الوظيفية بما يتوافق والأجواء السائدة، ورفض الخصومات التي تطال رواتب المعلمين دون وجه حق، وصرف المرتبات المتأخرة من سنوات ماضية.
يمثل الكادر التربوي الشريحة الكبرى من موظفي الدولة، وتركهم بهذا الواقع المأساوي، ينذر بنسف العملية التعليمية في القطاع الحكومي، لصالح فتح نشوة القطاع الخاص لاستغلال حاجة المواطنين لتعليم أبنائهم.
بمقارنة سعر صنف واحد من أساسيات المواد الاستهلاكية مع ما يتقاضاه المعلم، يتضح حجم المعاناة وتزداد الأصوات المؤيدة للإضراب؛ إذ إن قيمة كيس الدقيق الواحد خمسين كيلو جرامًا، وهو الذي يكفي أسرة صغيرة لمدة شهر، بات يستقطع نصف راتب المعلم دون ذكر أسعار المتطلبات الأساسية التي ربما تفوق القدرة الشرائية للمعلم بأكثر من ثلاثةِ أضعاف راتبه.
السلطات المحلية في المركز والمديريات حاولت إثناء النقابات عن البدء في الإضراب؛ غير أنها فشلت مع الإصرار في المضي النقابي نحو التصعيد وصولًا إلى استجابة الحكومة لمطالبهم كاملة أو ما يحقق رضى مؤقتاً.
أمام الحكومة ملف مرتبط بمستقبل جيل ناشئ هو في أمسّ الحاجة للتزود بمعارف تؤهله لخوض معترك الحياة متسلحًا بمحددات تعليمية تدحض الخرافات الطائفية التي تعمل مليشيا الحوثي على غرسها في عقول الأطفال والشباب بكل ما أوتيت من قوة وسطوة قهرية.