آخرهم الساعدي.. 74 قاضياً عراقياً قتلوا منذ عام 2003
يتعرض القضاة في العراق إلى تهديدات بالقتل من قبل جماعات إرهابية وميليشيات، أدت إلى مقتل العشرات منهم منذ التغيير الذي شهده العراق في عام 2003.
فعملية اغتيال القاضي أحمد فيصل الساعدي في محافظة ميسان جنوب العراق في الخامس من الشهر الحالي، فتحت ملف المخاطر التي يتعرض لها القضاة والمحققون في العراق، خاصة في ظل الضغوطات السياسية والمسلحة التي تواجههم.
وخلال زيارة لعائلة القاضي أحمد فيصل الساعدي، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ضرورة أن تكثف الأجهزة الاستخبارية من عملها ومحاسبة المقصرين، ودعا إلى إعادة النظر بالقيادات الأمنية والمكلفين بحماية الأمن في محافظة ميسان لإعادة فرض القانون.
ويعد قضاة الفساد والإرهاب والمخدرات والخارجين عن القانون، أبرز القضاة الذين يواجهون المخاطر والتهديدات من قبل الجماعات الإرهابية والميليشيات، وبحسب معلومات حصلت عليها "العربية.نت"، فإن 74 قاضياً قتلوا في العراق منذ عام 2003.
هذا الرقم الكبير في أعداد القتلى من القضاة، يبين حجم الاستهداف الذي تتعرض له المؤسسة القضائية، وكاد أن يكون الرقم أكبر من ذلك لو لم تفشل بعض عمليات الاغتيال.
قال الخبير الأمني فاضل أبو غريف لـ"العربية.نت" إن "مجلس القضاء الأعلى يلعب دوراً مهماً في كافة مفاصل الدولة العراقية، في محاربة الإرهاب والفساد والمخدرات، وحتى تلك القضايا المتعلقة بالجريمة المنظمة".
وأضاف "أصدر العشرات وربما المئات من أوامر إلقاء القبض على شخصيات لم يتوقع أحد أن تصدر بحقهم أوامر قبض، وهذا يعني أن القضاء يتمتع باستقلالية كبيرة، ويمتلك شخصية قوية، خاصة في السنوات الأخيرة التي تسلم فيها القاضي فائق زيدان سدة الرئاسة".
وأكد أبو رغيف أن "القضاء العراقي بحاجة إلى دعم السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال تعزيز التخصيصات المالية له، وتنفيذ أوامر إلقاء القبض التي يصدرها القضاء".
ولعب مجلس القضاء الأعلى في العراق دوراً كبيراً في إصدار أوامر إلقاء قبض على قيادات تنظيم "داعش"، الأمر الذي جعلهم محط استهداف التنظيم، الذي حرض في أكثر من مرة في تسجيلاته الصوتية على القضاة، آخرها تسجيل هدم الأسوار.
ليس هذا فحسب، فالقضاء دعم جهود رئيس الوزاء مصطفى الكاظمي في مكافحة الفساد من خلال إصدار أوامر قبض بحق متهمين بملفات فساد كبيرة.
وخلال عمليات التحرير ركز القضاء على ملف حقوق الإنسان بشكل كبير، ووجه بعدم إلقاء القبض على أي متهم دون التحقق من اسمه الرباعي، بعد اكتظاظ السجون بمتهمين وصفوا بالأبرياء اعتقلوا وفق ما كان يُسمى المخبر السري الذي أوقف القضاء العمل به.
كما حل مشاكل الأطفال الذين ولدوا خلال فترة سيطرة تنظيم "داعش" على المناطق المحررة، وقرر إصدار شهادات ولادة لهم بعد أن رفضت مؤسسات حكومية التعامل معهم.
ومع كل هذه الجهود، فإن القضاء يعاني من قلة التخصيصات المالية، وقلة الحماية الحكومية لكوادره، لكنه في عام 2017 نظم عمله أكثر من خلال تشريع قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45، والذي يتضمن 11 مادة.
وعلى الرغم من المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها القضاء العراقي، إلا أنه ركز كثيراً على ملف المخدرات وأصدر أوامر قبض على تجار كِبار شجعت السلطات التنفيذية على تعزيز نشاطها بشكل أكبر. كما حث الحكومة العراقية على فتح تحقيقات بملف قتل المتظاهرين والنشطاء.
ويسعى مجلس القضاء إلى "رؤية جديدة بعنوان (مشروع الحلم - مسلة حمورابي) لإعادة النظر بالبنية التحتية لكافة المحاكم العراقية والأبنية التي تشغلها دور القضاء حيث افتتح القضاء العراقي خلال الأعوام القريبة السابقة عدة محاكم وشكل محاكم جديدة مختصة للنظر في الدعاوى المعروضة أمام قضاته.