فيديو العمالة
مقطع الفيديو الذي عرض في المؤتمر الصحفي لمتحدث التحالف العربي، أمس الأحد، جاء بمضامين في واقعها ليست جديدة برمتها على معظم أبناء الشعب اليمني بفعل توسع الوعي بطبيعة مليشيا الحوثي وتبعيتها العمياء لإيران وأجندتها على حساب اليمن وجيرانه العرب، لكنه بالمقابل يكتسب أهمية كبيرة في كشف وجه المليشيا للمغرر بهم، وإضافة شواهد جديدة للرأي العام الشعبي، العربي والعالمي، على مدى التدخل الإيراني ومليشياته الإقليمية في اليمن، وإعاقته لجهود السلام المبذولة لإنهاء الحرب.
مع ذلك، لا بأس من الإشارة المقتضبة للمضامين التي حملها مقطع الفيديو، حيث أعاد تأكيد وجود الخلافات البينية الحوثية، والدور الأممي المثبط والمتواطئ في الحديدة.
علاوة على الآنف، عزز وضوح الأطماع الإيرانية في البحر الأحمر ومدخله الجنوبي، مضيق باب المندب، كورقة بالغة الأهمية للمساومة تحت تهديد أحد أهم طرق الملاحة والتجارة الدوليتين، بجانب الأضرار الممكنة لمصالح الدول المطلة على هذا البحر خصوصا مصر وقناة السويس، وبشكل أكبر وضع دول الخليج بين مطرقة مضيق هرمز وسندان باب المندب. غير ما أكده من أهمية للساحل الغربي ومحافظة الحديدة وموانئها في الاستراتيجية العسكرية للحرب الإيرانية باليمن وتأطيرها كمنصة تهديد عسكري لدول الجوار، باعتباره منفذ تهريب النفط والمخدرات والسلاح والخبراء من الحرس الثوري ومليشيا حزب الله اللبناني ومليشيا الحشد الشعبي العراقي وأزلام النظام السوري، وكذلك إجلاء القدر الذي لعبه تواطؤ ستوكهولم في خدمة إطالة الحرب والمزيد من تمكين المليشيا الحوثية من رقاب اليمنيين ورفع أرقام الضحايا المدنيين.
ويجدر التنويه في هذا الصدد بالرسالة المبطنة للعنصر الحزب اللاتي في ربطه الدعم والمساندة للحوثيين باستمرار سيطرتهم على الحديدة، وكأنه يقول: مصلحة أسيادنا أساسية في توفيركم لمنفذ إيراني على البحر الأحمر وإلا فلا دعم لكم، اعطونا الحديدة نمنحكم المساندة.
أما الجديد في مقطع الفيديو فهو مدى تهلهل المليشيا مع داعميها أمنيا، وتمكن القدرات الاستخباراتية للتحالف من اختراق الغرف المغلقة لقيادات الصف الأول داخل المليشيا الحوثية.
كما أن المقطع لفت إلى درجة تقزم قيادات المليشيا أمام أسيادهم من خدم الدرجة الأولى لطهران، ومدى تحكم، لا نقول إيران كواحدة من أكبر وأقوى بلدان الشرق الأوسط، بل خدامها من عناصر مليشيا حزب الله، ما يعمق سقوط التبجح الحوثي بالسيادة والوصاية وسواهما من شعارات الضحك على الذقون وتعبئة القطعان، ويجعل اتهاماتها للأطراف اليمنية المناهضة لها بالعمالة والارتزاق تتضاءل، إذا سلمنا جدلا بطرحها هذا، بمقابل حجم ارتزاقها لخدام طهران للحصول على فضلات المائدة الإيرانية.
في أغلب البلدان تعجز القدرات المحلية عن تمويل حروب طويلة، ما يفتح المجال أمام الممولين الخارجيين، وإذا كانت الأطراف المناوئة للمليشيا الحوثية لجأت إلى الأشقاء في مساعدتها، فلأن الحتميات الجغرافية والتاريخية شابكت بين مصالح بلدانهم واليمن، ولأن المكونات اليمنية بنت قوتها العسكرية، تحشيدا وتدريبا وتشكيلا وتسليحا من الصفر، بعكس المليشيا التي شكلت قدراتها العسكرية منذ عقدين من الزمن، وضخمتها بالاستيلاء على معظم سلاح الدولة اليمنية، واستخدامها، كرها أو طوعا، لمعسكرات الدولة المجهزة منذ عقود، سواء في عتادها البشري النوعي والكمي، أو في إمكاناتها التسليحية، بالإضافة إلى تنصلها من واجبات الدولة من دفع للمرتبات وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في مناطق سيطرتها بمرافقة الجبايات الكثيرة والمبالغ فيها التي تفرضها على اليمنيين، وخلقها أسواق سوداء تمول حربها، الأمور التي تغني مليشيا الحوثي عن وضع نفسها تحت أقدام الحاجة للدعم الإيراني أو المليشيات التابعة له، لكنه عشق العمالة واستمراء دور العبد الخادم مقابل بقايا مائدة الأسياد وراء الحدود، تماما كما عبر خضوع وهيئة أبو علي الحاكم في مقطع العمالة، وهو أحد القيادات الحوثية التي أظهرت مقاطع فيديو إذلاله لرؤوس يمنية في مخاطبته لها.