رغم القدر الضئيل من المُستحقات التي تحصل عليها الموظفات الحكوميات في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، والتي لا تتعدى في الغالب 30 ألف ريال تصرف لهن على هيئة "حوافز" من حين لآخر دون انتظام؛ إلا أنهن لا يجدن الحيلة للتوقف عن تأدية وظائفهن كون البعض منهن يتحملن أعباء مسؤوليات أسرية ثقيلة، وأخريات يخشين الفعل الناقم للحوثيين.
 
ووجدت العديد من النساء الموظفات في دوائر حكومية بصنعاء أنفسهن أمام مسؤوليات كبيرة لمحاولة التخفيف من معاناتهن الاقتصادية ووطأة المعيشة التي فرضتها حرب مليشيا الحوثي.
 
 هنالك أخريات لا يُحسدن على أوضاعهن، يعملن في وجه التحديات إثر انقطاع رواتب آبائهن أو أزواجهن، أو فقدانهن لمعيليهن الذين تجندهم مليشيا الحوثي في الحرب ثم تتخلى عن أسرهم عند مصرعهم.
 
مضايقات
وعلى هذا الوضع المتكدّر أصلًا للنساء الموظفات، لا يعبأ مشرفو المليشيا الحوثية المعينين في مؤسسات الدولة لأمر هؤلاء النسوة اللاتي يتعرضن للمضايقات من قبلهم، ولا يجدن مخرجًا للشكوى بتصرفات المشرفين كونهم هم السلطة الأعلى في أي دائرة حكومية يُسلطون فيها كما هو في عُرف المليشيا الحوثية الإرهابية.
 
تقول لطيفة علي، وهي إحدى الموظفات في وزارة الشباب والرياضة التي يسيطر عليها الحوثيون بصنعاء لـ "2ديسمبر"، إن المشرف الحوثي على القسم الذي تعمل فيه لا يكف عن إيذائها باستمرار، مؤكدةً أنه دائما ما يواجهها بألفاظ وتصرفات مؤذية، وعندما حاولت تقديم شكوى إلى مديرها، أخبرها الأخير أنه لا سلطة تعلو على سلطة المشرف الحوثي.
 
وأضافت " لطيفة"، وهو اسم مستعار اختارته حتى لا تتعرض للإيذاء المباشر من قبل المليشيا الحوثية، أن المشرف الحوثي الذي ينتمي إلى محافظة عمران ويعتقد بالنسب السلالي يتعامل بهذا الأسلوب مع جميع الموظفات في قسمها وليست هي وحدها.
 
تهديد 
وأوضحت أن إحدى الموظفات كانت قد قررت في يناير الماضي الخروج من العمل؛ لكنها تلقت اتصالا من المشرف أخبرها بأنهم سيوجهون لها تهمة "محاولة تعطيل عمل مؤسسة حكومية في خدمة العدوان" ما لم تعدل عن قرارها وتعود إلى عملها، واضطرت في الأخير إلى العودة مجددًا لتُجنب نفسها وأسرتها النوايا المبيّتة للحوثيين.
 
وتشيرُ لطيفة إلى أن من تستنكر هذه المضايقات أو حتى تحاول الدفاع عن نفسها، تلاقي وابلًا من العقوبات كالخصم من "الحافز"، وتلقى في طريقها العراقيل، كما يتم تحميلها أعباء جديدة مثل تكليفها بمهام شاقة من قبل الإداريين الحوثيين المتواطئين مع المشرف.
 ‏ 
قمع 
وأكدت موظفة أخرى تعمل في مصلحة الهجرة والجوازت بصنعاء حدوث مثل هذه التصرفات "التي تعد بطبيعتها تحرشا يستهدف النساء المستضعفات في بيئة سالبة لحقوق المرأة مع وجود سلطة قمعية تلقي باللوم على المرأة وتنتصر للجاني في القضايا المتعلقة بمسألة التحرش".
 
وبحسب مراقبين فإن المليشيا التابعة لإيران  عندما اختارت مشرفيها لتسلطهم في مراقبة أنشطة المؤسسات الحكومية التي سيطرت عليها، كانوا في الغالب من أصحاب السوابق وخريجي السجون، ولذا من الطبيعي أن تكون تصرفاتهم مؤذية ضد من يُشرفون عليهم وخاصة النساء اللاتي لا نصير لهن في ظل سلطة القمع الحوثية.
 
وقالت الموظفة التي تعمل في مصلحة الأحوال الشخصية بمنطقة "عصِر"، إن أحد مشرفي المليشيا هناك كان يمارس نفس الأساليب ضد الموظفات؛ لكنه تعرض للضرب والإهانة من قبل مسلحين قبليين قبل زهاء عام ونصف عندما حاول التحرش بشابة قدمت مع أهلها للحصول على بطاقة شخصية، وللحؤول دون تصعيد الموقف مع القبائل أبعدت المليشيا مشرفها ونقلته إلى مؤسسة أخرى.
 
مستقبل قاتم 
وتنظر الكثير من النساء العاملات في المؤسسات الحكومية والخاصة إلى مستقبلهن بحالة من الجزع، إثر الأفعال الفاضحة للحوثيين ضد كثيرات يفتقرن للوسيلة المناسبة لرفع أصواتهن والنجاة بأنفسهن من المضايقات اليومية التي تمارسها عناصر المليشيا الإرهابية.
 
ووضعت القوانين والتشريعات اليمنية حدا للمارسات الخادشة التي تستهدف النساء، وفرضت عقوبات ضد كل من يثبت قيامه بإيذاء المرأة؛ غير أن المليشيا الحوثية منذ سيطرتها على صنعاء عطلت العمل بهذه القوانين وأتاحت شريعة الغاب أمام مشرفيها وقياداتها ليمارسوا ما شاء لهم من أفعال مشينة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية