جولات أممية خارجة عن مدار الحل والحوثي يتشبث بالأمم المتحدة للنهوض من المستنقع
غاضباً غادر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مجلساً التقى فيه قادة من المليشيات الإرهابية في العاصمة صنعاء بعد أن خرج من بينهم بخفي حنين عائد أدراجه، دون أن يتمكن من وضع حلٍ لمهازل المليشيات في التعاطي مع الحل السلمي ونقل الحرب إلى خاتمتها، واستمرار الكهنوتيين في التموضع عند المراوغة كالعادة ما يجعل من زحزحة صخرة الأزمة أمراً مستبعداً يتطلب بالضرورة حسم معركة الحديدة نقل مليشيات الكهنوت من فُرجة البحر إلى مكان مُعتم يجبرها على التفكير مجدداً.
جولة المبعوث الأممي الأخيرة تبدو استثنائية مقارنة بالجولات السابقة ومحاطة بزخم من الانتباه، إذ أنها تزامنت مع تطورات على الصعيد العسكري خاصة في ساحل اليمن الغربي، وأبرز ما وازى مشهد المحاولة الأممية لجر مليشيات الكهنوت للحل كان استهداف الأخيرة لناقلتي نفط سعودية في البحر الأحمر تلاه إعلان السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن وقف تصدير النفط الخام عبر مضيق باب المندب.
وفي مطلع يوليو الجاري كان التحالف العربي والقوات المشتركة قد أوقفا مؤقتاً اقتحام مدينة الحديدة لاعتبارات إنسانية وسياسية يراعي فيها التحالف والقوات الوطنية حياة المدنيين اليمنيين، وإتاحة آخر الفرص للمجتمع الدولي والأمم المتحدة لإقناع المليشيات بتسليم المدينة دون قتال أو تحمل تبعات المعركة المرتقبة على مختلف الصعد والمستويات.
عودة المبعوث الأممي من صنعاء كما أتى إليها ليس أكثر من إهدار لمزيد من الوقت يسمح للجماعة المدعومة إيرانياً بالتمادي والاعتداء على اليمنيين في الحديدة ورفع مستوى المعاناة والانتهاكات، والذي كان من المفترض أن يُلزم المبعوث الأممي المليشيات بتسليم المدينة وميناءها لا أن يتمهل لأخذ وجهة نظرها. بحسب مراقبين.
مواقف الأمم المتحدة في اليمن تكشف حقائق كثيرة في الدور الأممي وتعاطيه مع ملف الأزمة، أظهر على السطح مزيداً من الصور التي كانت تُرى بشكل غامض لا يتيح للمتابع قراءتها على النحو المطلوب، إذ يبدو الدور الأممي اليوم منحازاً ويصنف المليشيات على أنها طرف في الحل لا سبباً في الحرب، أمرٌ في حد ذاته يبدي الانفصام الأممي في تصنيف الجماعات الإرهابية، يشدد على اعتبار جماعة ما إرهابية كتنظيم "داعش" الإرهابي، ويستثني جماعة تمارس الإرهاب بكل صوره من هذا الوصف، مثل جماعة "الحوثي".
بالعودة إلى الحادثة الإرهابية التي شنها الحوثيون عبر استهداف ناقلتي النفط السعودية في ممر الملاحة الدولية الأهم "باب المندب" ثم إعلان السعودية بعيد ساعات من الواقعة توقفها عن تصدير النفط الخام عبر باب المندب، يستدعي من المجتمع الدولي إعادة النظر في موقفه تجاه المليشيات الإرهابية في اليمن، حيث يشكل الإجراء السعودي خطوة مهمة للفت أنظار العالم تجاه المليشيات، وإذا ما استمر مفعول الإجراء المتخذ سعودياً فإن ذلك له تبعات خطيرة في التأثير على سوق النفط العالمي، خاصة وأن السعودية تمثل أكبر مصدر للنفط في العالم وتمر أغلب صادرات النفط الخليجي عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وفيما يخص ملف التفاوض السياسي ومساعي الأمم المتحدة التي بات مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث مرهقاً من تنصل الحوثيين عن أبسط المسئوليات تجاه اليمنيين وتعنتهم في الوصول للحل، كان غريفيث قد التقى أمس الخميس سيد المليشيات الكهنوتية عبد الملك الحوثي بحسب ما أوردته وسائل إعلام الجماعة. الحوثي لم يبدي أي استجابة للانسحاب من الحديدة وظل يكرر الخطاب ذاته للمراوغة أكثر وقضم المزيد من الوقت لصالحه وجماعته.
محاولات غريفيث لجر المليشيات إلى مربع آمن، لم يكن بمعزل عن مسار التطورات الميدانية، فالقوات المشتركة على الأرض في الساحل الغربي تجري تحضيراتها اليومية واستعداداتها المكثفة لشل حركة المليشيات الإرهابية في مدينة الحديدة وأريافها، فلغة السلام تمضي بالتوازي مع رفع خيار الحسم العسكري إلى رأس قائمة خيارات الحل، طالما والمليشيات تعيد ذات السيناريوهات السابقة في التجاوب مع الحلول السلمية.