تقترب السنة الثانية على إبرام اتفاق ستوكهولم من الانتهاء دون أن يتم منه شيء جوهري سوى وقف انتشال محافظة الحديدة الساحلية من قبضة الحوثيين ليمنحهم ميزة عسكرية استراتيجية مقابل خطأ قاتل أقدمت عليه الحكومة اليمنية. ولأسباب سياسية منفصلة عن الطبيعة الوطنية للمعركة الدائرة مازالت قوى حزبية مستحوذة على قرار السلطة الشرعية متمسكة باتفاق ولد ميتا.
 
أدى ستوكهولم دورا مهما في إطالة الحرب الراهنة في اليمن وزيادة مردودها في رفع الكلفة على اليمنيين وتعقيد خيوط المبادرة للتحالف العربي والمنظومة الأمنية العربية، في مواجهة الخصم الإيراني النشط في إيجاد موطئ قدم عسكري ضارب على طريق الملاحة والتجارة والطاقة في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبكلفة أقل طالما والذراع الحوثي على استعداد دوما في القفز لتحميل اليمنيين مسؤوليات أية عمليات أمنية وعسكرية مقلقة للمنطقة والعالم.
 
فضلا عن أهمية الحديدة كبوابة غربية للعاصمة صنعاء، وامتدادها لساحل حجة اللصيق بمحافظة صعدة معقل المليشيا الحوثية، فإنها تحتضن أهم الموانئ اليمنية، وتشكل الرئة الحوثية لاستقبال المساعدات العسكرية والنفطية الإيرانية من جهة، والورقة الرابحة للضغط على الإقليم والمجتمع الدولي من جهة ثانية.
 
توالت تقارير ذات طابع استخباراتي عن السفينة الإيرانية " سافيز" في البحر الأحمر التي يعتقد أنها تعمل على مدار سنوات الحرب في اليمن على مساندة الحوثيين استخباراتيا وعسكريا بواجهة تجارية، ولولا أن الحديدة في قبضة الحوثيين لكانت أنفاسهم في الحرب تقطعت ولصعبت مهمة سافيز وتقلصت الفرص الإيرانية في البحر المهم.
 
سفينة أخرى، لكنها يمنية، وعبر بقاء الحديدة في قبضة الحوثيين، أيضا، رفعت وتيرة المخاوف الإقليمية والدولية من انفجار أو غرق السفينة صافر بما تحويه من نفط تتجاوز كميته المليون ومئتي ألف برميل بإمكانه أن يحدث كارثة، بيئية من العيار الثقيل، أدركتها المليشيا الحوثية فاستخدمت صافر كرت ابتزاز سياسي موظف لمتطلبات حربها العسكرية على اليمنيين.
 
إيران والحوثيون استطاعوا من خلال ستوكهولم خلق منطقة آمنة محرمة على طيران التحالف وعلى تحركات عسكرية من القوات المشتركة المرابطة في الساحل الغربي اليمني، وتمكين المليشيا الاستفادة من خبرات الحرس الثوري في تجهيز ورش تركيب الطائرات المسيرة وتطوير الصواريخ الباليستية بعيدا عن قاذفات التحالف العربي، وقتال جيش نظامي مدرب انهارت أنساقها أمامه أثناء معركة تحرير الحديدة، لولا ستوكهولم لسد فوهة الرئة الحوثية وقطع اليد الإيرانية اللتين أنقذهما الاتفاق المشؤوم.
 
فيما عدا معارك تحرير المحافظات الجنوبية، وبعض الحديدة، اتسمت الحرب بطابع الكر والفر، ومكنت إيران من تحقيق اختراقات في المسرح العسكري ساعدت الحوثيين في امتلاك أسلحة وقدرات عسكرية تهديدية جوا وبحرا، من الممكن أن تتعزز أكثر إذا سقطت مأرب بأيديهم، وتدخل الحرب في حالة تعقيد أكبر لتحقيق انتصار حاسم، ضروري لليمن والإقليم العربي على حد سواء.
 
ستوكهولم مثل هدية قيمة لمليشيا الحوثي ومن ورائها إيران، ومعه ستظل اليمن مصدر خطورة متزايدة على الأمن العربي.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية