كثيرة هي الكتابات التي تتناول غدير خم ، بمنظور خارج عن السياق الحقيقي للحدث ومن زاوية أن المنطلق العصري يتجاوز الفلكلور القديم ، ولنقل الديني ، وينكرون استجلاب البواعث القديمة، وفيما هم يحاولون دحض أفكار المليشيا يأصلونها كحقيقة وأن غدير خم نص نبوي قاله النبي لعلي في حينه، هنا تكمن مشكلة الإثبات بلباس النفي، بعفوية. 
 
من زاوية أنني كمسلم سأدافع عن النبي، ومحاولة الكذب بلسانه فالموروث الإثنا عشري مجرد أقاويل تقولها شذاذ الدين عن الرسول محمد وعن علي نفسه وفي هذه الجزئية علينا أن نحمي علي ابن أبي طالب منهم، وأن نكون صدا جوهريا يحمي سيرة المكرم من المتنطعين باسمه ، فنحن أحق وأولى وأصدق لعلي منهم.
 
في مقابل مسألة التفضيل، لا ننتقص أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ، وفي الموروث السني يجد العالم كله أن السنة يعترفون بخلافة علي ويدحضون ما حدث من معاوية رغم محاولة الإثني عشرية ربط السنة كأتباع فقط ومنهجهم نهج معاوية وأنهم يعادون عليا تأصيلا للعداء الأموي وهذه كذبات فنحن براء مما حدث بين صحابيين جليلين بل ونفضل المكرم على معاوية ونعترف بخلافته كرابع أربعة من أصحاب الرشد النبوي دون معاوية.
 
من يحاول ربط حديث النبي بتولية علي وعقبه بالتلميح كأنما يريد القول إن رسول الله مقصر في تبليغ رسالته وفي التصريح بالصالح العام للأمة فلو أن الرسالة متوارثة نبوة وحكما لقالها بصريح العبارة إن عليا هو خليفته ولن ينكر عليه أحد وقد رأينا الملوك وتوليتهم صغارهم وهم في المهد فهل ينكر المسلمون والذين خاضوا مع النبي مسيرة التصديق قلبا وجسما، بل يشرِف المسلمون ذلك ولعلي فضل ينكره فقط هؤلاء المدعون المزورون باسمه والذين يلبسونه وهو الكاسي ما ليس له.
هل ينكرون على نبيهم ذلك ..!
 
رسول الله ليس ذليلا ، وقد عبر عن ذلك الخليفة الفاروق عندما اختار ستة من أصحاب رسول الله لخلافته بعد طعنة من المجوسي وكان بعض القوم يريدونه أن يسمي خليفته فقال إن لم أفعل فلم يفعلها خير خلق الله، ويقصد النبي محمد ، الذي لم يسم خليفته، وإن فعلت فقد فعلها خير الناس بعد رسول الله، ويقصد أبا بكر الصديق الذي ولاه بالنص ليخلفه وهو في سكرات الموت، فهل الصديق، ابن أبي قحافة الذي سمى عمر خليفة للمسلمين،قبل لفظه روحه أشجع من رسول الله الذي استخدم لغة التلميح من أجل استخلاف علي كما يقول الكاذبون عليه إنه أراد ذلك ؟ 
 
لو أن تولية علي من أمور الدين فهذا يعني أن الإكمال،الذي تحدث عنه القرآن،قبل موت رسول الله بآية ( أكملت لكم دينكم ) منقوص، أي الرسول لم يكمل مهمته والقرآن؛ حسب كلام المتقولين ،يكذب، ُوحاشا أن يطرأ كذب على أصدق كتاب.
 
برأيي أن حديث رسول الله للمسلمين( استوصيكم بأهل بيتي خيرا ) نفي قاطع لتولي أي من أهل البيت الحكم ولكن كما هي عدالة الشريعة الإسلامية لهم ما لكل المسلمين،فلغة الاستيصاء بأهل بيته تخاطب خليفته، الذي لا يعلم من يكون، بالعناية بأهل بيته ولأن رسول الله متيقن أن رسالته الحاكمة ليست كسروية أو قيصرية حتى يرثها قرباه وكانت حكمة الله أن عليا آخر الخلفاء الراشدين.
 
قبل أن يموت الأب، في كل عائلة، عادة ما يوصي إخوته بأولاده وهذا يقرر من خلال حديث رسول الله أن لو أراد عليا خليفته لقال ذلك تصريحا ولاستوصى به المسلمين ولأمرهم بطاعته، وقد أخذها علي كما أخذها من سبقوه، أبو بكر وعمر وعثمان، ببيعة المسلمين ومبايعتهم.
 
هناك نقطة جوهرية : أتى محمد لمساواة الناس ببعضهم، كان أنصاره من الفقراء والعبيد، كانت قريش مشكلة كقبائل من الجماجم وهم ، بنو عبد مناف ، بنو مخزوم ، بنو عبدالدار ، بنو سهم ، وهم سادة قريش وتقاسموا الشرف الرفيع من سقاية وحجابة ورفادة ودار الندوة وحمل لواء الحرب فيما بقية بطون قريش إما من الضعفاء أو اللصقاء وقد اقتضت الحكمة الربانية أن يكون خليفة الرسول الأول من أضعف بطون قريش وهم " بنو تيم" قبيلة أبي بكر الصديق ثم عزز قضاه ببني عدي، من بطون قريش الضعيفة , ليكون الفاروق، واستطاعا الحفاظ على وحدة المسلمين.
 
 لكن تولي عثمان بن عفان ومن بعده علي أمر المسلمين عززت فرقة المسلمين دون علمهما وبما حولهما من تنافس على السيادة منذ الجاهلية والعصبية المتوارثة، فهما من بني عبد مناف، أحدهم أموي والآخر هاشمي ، وكانت هذه النتيجة؛ يتقاتلان حتى اللحظة، وهم براء،فماذا لو كانا هما خليفتي رسول الله دون الصديق والفاروق وكانت الفتنة آنذاك بمبتدأ الدولة الإسلامية، ماذا كان سيحدث ؟ !

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية