الحديدة مفتاح السلام لليمن والمنطقة
الحديث عن مسودة مشروع للحل الشامل في اليمن من قبل المبعوث الدولي وتقديمها لبعض الأحزاب اليمنية المتواجدة في الرياض، غير مجدٍ، خاصة وقد أعلنت ميليشيات الحوثي رفضها لتلك المسودة.
لو كانت لدى ميليشيات الحوثي جدية ومصداقية لتحقيق السلام لنفذوا اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وترجموا ما التزموا به على الأرض، لأنه يعد المفتاح الحقيقي للسلام الشامل في اليمن، وأيضا لو تعامل المبعوث الدولي بجدية مع هذا الاتفاق لما واجهت مهمته هذا الانسداد المخجل.
اتفاق ستوكهولم لم يكن اتفاقا لإعادة بناء الثقة بين الأطراف اليمنية فقط، بل عالج مشكلتي استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن، وكذلك وضع معالجة للأزمة الإنسانية، لكن للأسف أوقف الاتفاق تقدم القوات المشتركة واستكمال تحرير مدينة الحديدة وموانئها، ولم ينفذ شيئا من البنود التي نص عليها، كما تسبب موقف المبعوث الأممي والمجتمع الدولي المتساهل في تشجيع ميليشيات الحوثي على رفض الالتزام بتنفيذ الاتفاق ورفض الانسحاب من المدينة سلميا، وإصرارهم على منع فتح معابر إنسانية، أو إطلاق الأسرى والمعتقلين، أو الالتزام بالقرار الأممي القاضي بوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، ووصلت الغطرسة بالميليشيات إلى درجة منعهم السماح لفريق الخبراء الأممي من فحص ناقلة النفط صافر ونهب أكثر من 36 ملياراً من إيرادات الموانئ والمتفق على أن تدفع كرواتب للموظفين ، ومن ثم رفضهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار وتوحيد الجهود لمواجهة كورونا، خلافا لرفضهم الهدنة التي أعلنها التحالف و و و..إلخ.
وأمام هذا المشهد القاتم فمن الطبيعي أن يعلن التحالف العربي عن عملية عسكرية ضد ميليشيات الحوثي في الوقت الذي يتحدث فيه المبعوث الدولي عن مسودة سلام شامل.. فإذا كانت ميليشيات الحوثي لم تتوقف عن قتل المدنيين في الحديدة منذ التوقيع على اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018م وحتى اليوم، فما هو الرادع الذي سيمنعها من قصف المدنيين والأعيان المدنية في السعودية...؟
القضاء على عدوانية الميليشيات الحوثية وإجبارها على الجنوح للسلام لن يتحقق إلا بتحرير مدينة وموانئ الحديدة، وطالما الأسلحة الإيرانية التي يقوم بتهريبها الحرس الثوري تتدفق إلى هذه الموانئ فستظل اليمن والمنطقة أمام سيناريوهات خطرة ودورة عنف لا نهاية لها.
كما أن قيام التحالف بقصف مخازن أسلحة الميليشيات لن يوقف خطرهم، مالم يتم تأمين الموانئ التي تتدفق إليها تلك الأسلحة، والأمر نفسه بالنسبة لمعالجة تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية في اليمن فهو مرتبط أيضا بتحرير الحديدة سواء سلميا أو بفرض خيار القوة، لأن تداعيات هذه الأزمة سببها ميليشيات الحوثي التي تسيطر على الموانئ وتفتعل الأزمات لمضاعفة معاناة الشعب اليمني وإجباره على الخضوع لسياساتها الإجرامية.
وهكذا، فلا مناص من استكمال تحرير الحديدة لأنها تمثل مفتاح السلام لليمن والمنطقة.