رغم تعهدها بمحاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر والسودان خلال الأسبوعين المقبلين، برعاية الاتحاد الإفريقي، أعلنت إثيوبيا السبت أنها تنوي بدء ملء سدّها على نهر النيل في نفس الفترة.
 
ويناقض البيان الذي صدر السبت عن مكتب رئيس الوزراء آبي أحمد جزئيا تصريحات أدلى بها مسؤولون مصريون وسودانيون مساء الجمعة، وأكدوا فيها التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث خلال قمة افتراضية جمعتهم مع مسؤولين من ثلاث دول إفريقية أخرى، على وقف ملء السد إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول الموضوع.
 
وكانت كل من القاهرة والخرطوم أعلنتا في بيانين رسميين الجمعة عن اتفاق خلال قمّة إفريقية مصغّرة عقدت عبر الفيديو برئاسة رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، على تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرمائي لحين إبرام اتّفاق بين الدول الثلاث.
 
وجاء في بيان الرئاسة المصرية أنّ الاتّفاق ينصّ على "الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السدّ، قبل التوصّل إلى هذا الاتّفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن".
 
بدورها أكدت الحكومة السودانية أنه "تم الاتّفاق على أن يتمّ تأجيل ملء الخزّان إلى ما بعد التوقيع على اتّفاق"، مشيرة إلى أنّه تمّ أيضاً الاتفاق على أن "تبدأ مفاوضات على مستوى اللجان الفنية فوراً بغية الوصول إلى اتفاق في غضون أسبوعين".
 
لكن أديس أبابا لم تأتِ على ذكر الإرجاء في بيانها اليوم، بل بدت متمسكة بالجدول الزمني الذي أعلنته سابقا، والذي ينص على بدء تعبئة خزان السد في تموز/يوليو. وقالت في بيانها "خطّطت إثيوبيا لبدء ملء السدّ في غضون أسبوعين، حيث ستتواصل خلالهما أعمال البناء. واتفقت الدول الثلاث على أن يتمّ التوصل إلى اتفاق نهائي على النقاط القليلة التي لا تزال عالقة خلال هذه الفترة".
 
يشار إلى أن مفاوضات ثلاثية حول تشغيل السد وإدارته كانت استؤنفت في وقت سابق من حزيران/يونيو، وتعثرت حول عمل السد خلال فترة الجفاف، وآليات حلّ الخلافات المحتملة.
 
ويتوقع أن يصبح هذا السدّ الذي بدأت أديس أبابا ببنائه في 2011، عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا، مع قدرة إنتاج بقوة ستة آلاف ميغاواط.
 
لكنّ هذا المشروع الحيوي لإثيوبيا والذي أقيم بارتفاع 145 مترا، يثير توترات حادّة بينها وبين كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان مع إثيوبيا مياه النيل وتخشيان أن يحد السد من كمية المياه التي تصل إليهما.
 
وتعتبر مصر هذا المشروع تهديدا "وجوديا"، وقد دعت الأسبوع الماضي مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لحل الخلاف. ويفترض أن يعقد المجلس اجتماعا حول القضية الاثنين.
 
كما ترى أنه يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق حيث بني السد، وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية. وتستقي مصر 97 في المئة من حاجتها من المياه من النيل.
 
في حين تؤكد إثيوبيا أنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
 
ويمدّ النيل الذي يمتد على حوالي ستة آلاف كيلومتر، حوالي عشر دول إفريقية بالمياه.
 
وعقدت القمة الإفريقية المصغّرة بدعوة من رئيس جنوب إفريقيا وشارك فيها كلّ من الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والرئيس الكيني أوهورو كينياتا ورئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي ورئيس مالي إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس مفوضية الاتّحاد الإفريقي موسى فكي.
 
وكانت إثيوبيا تحفظت سابقا على تدخل أطراف أخرى في النزاع، لا سيما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في شباط/فبراير بالفشل. واتهمت أديس أبابا في حينه واشنطن بالتحيّز لمصر.
 
لكن أديس أبابا رحبت السبت بمبادرة الاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن "القضايا الإفريقية يجب أن تجد حلولا إفريقية".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية