يواجه الرئيس التركي ما قد يكون أكبر تحد له طوال 18 عاما قضاها في السلطة بسبب وباء كورونا الذي انقض على بلاده بضراوة غير متوقعة وبدون سابق إنذار. 
 
فبينما كانت الأزمة الاقتصادية تلوح في الأفق قبل حلول الوباء، فإن الوضع أصبح خطيرا الآن، خاصة وأن البلاد كانت تعتمد على أسس اقتصادية أصبحت عارية، ما وحد معارضيه الذين ينتقدونه بسبب تعامله مع الأزمة، بحسب تقرير لـ"نيويورك تايمز". 
 
كان إردوغان قد بدأ سلسلة من المشاريع الضخمة في البنية التحتية الاقتصادية التي كانت تقابل بمعارضة بدعوى أنها مكلفة للغاية لدرجة لا يمكن تحملها. 
 
يقابل إردوغان حاليا بالهجوم الشديد لأنه لم يستجب للانتقادات السابقة، خاصة مع توقف السياحة المورد الأهم للمال في البلاد، ومع نزيف الأموال ونقصها بسبب الوباء.  
 
وطبقا لمصادر اقتصادية، فإن البنك المركزي أنفق 20 مليار دولار من احتياطاته النقدية الأجنبية منذ أن بدأ الوباء في التفشي.  
 
إضافة إلى ذلك تشهد الليرة التركية تدهورا مقابل العملة الأميركية منذ بدء أزمة فيروس كورونا المستجد في وقت سابق هذا العام، ليصل الدولار الواحد مقابل أكثر من سبع ليرات تركية. 
 
"الاقتصاد أهم من حياة العمال"
 
رغم ذلك كله، رفض إردوغان أن يوقف مشاريعه في ظل الوباء ، وأصر على الحفاظ على دوران عجلة الإنتاج، فاستمرت المصانع ومواقع البناء ومشاريع التطوير، بينما فرض إغلاقا جزئيا فقط شمل المطاعم والحانات والشركات الصغيرة. 
 
غير أن الإجراء الذي أقدم عليه إردوغان، جعله في مرمى الانتقادات واتهامه بأنه يولي الاقتصاد على حياة الناس، لأنه عرض العمال لخطر الإصابة بالفيروس. 
 
وتركيا التي بلغ عدد سكانها 83 مليون نسمة، من الدول الأكثر تضررا من الوباء، حيث تقبع في المركز الثامن عالميا من حيث عدد الإصابات التي وصلت إلى أكثر من 129 ألفا والمرتبة الـ11 من حيث عدد الوفيات التي بلغت 3520 وفاة حتى الأربعاء.
 
لكن يتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية للإصابات والوفيات أعلى من ذلك بكثير بسبب قلة الاختبارات.  
 
والشهر الماضي، سقط زعيم نقابي يدعى حسن أوغوز بنوبة قلبية في موقع بناء يسمى "غالاطة بورت" وهو من أغلى مشاريع التنمية في إسطنبول، ثببت إصابته فيما بعد بفيروس كورونا، وتوفي لاحقا في المستشفى في 12 أبريل.  
 
ثبتت بعد ذلك إيجابية نتائج اختبارات أربعة عمال آخرين في نفس الموقع، "لكن تم تعليق البناء فقط بعد يومين من وفاة أوغوز"، بحسب رئيس النقابة التقدمية لعمال البناء أوزغور كارابوليت، مضيفا أنه إذا كان قد تم تعليق العمل في 3 أبريل كما طالبنا، كان من الممكن ألا يكون هناك مصابون بيننا اليوم ولم نفقد أحدا بسبب الفيروس". 
 
ويضيف كارابوليت "هذه المشكلة ليست مقتصرة على مواقع البناء فقط، بل هي في المصانع وأحواض بناء السفن ومصانع النسيج التي لم يتوقف العمل فيها"، مشيرا إلى أن "العمال في هذه المصانع يصابون بالعدوى واحدا تلو الآخر". 
 
وحتى العمال الذين تم إعلامهم بأنهم في إجازتهم السنوية، لا يعلمون ماذا سيحدث بعد أن تنتهي إجازاتهم، ولا أصحاب المحلات والشركات الصغيرة الذين لم يتم تعويضهم بشكل كاف، ويتأرقون بسبب المستقبل. 
 
وبسبب انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى بلاده إلى 35 مليار دولار فقط، فإن إردوغان قد يلجأ للولايات المتحدة لطلب المساعدة خاصة أنه استبعد السعي للحثول على قرض من صندوق النقد الدولي. 
 
فأثناء اجتماع عقد عبر الفيديو بين أعضاء مجموعة العشرين في نهاية مارس الماضي أثار إمكانية تفعيل اتفاقية تبادل العملات الأجنبية. 
 
ورغم أن تركيا قد لا تستوفي الشروط الضرورية لتفعيل الاتفاق مع الولايات المتحدة لعدم استقلال البنك المركزي لديها فضلا عن أنها تعاني من التضخم، فإنها تبادر بإرسال الإشارات من خلال المبادارات. 
 
فقد أجلت تفعيل نظام الدفاع الصاروخي أس-400 الروسي الذي اشترته العام الماضي لتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة، كما أرسلت تركيا طائرتين من الإمدادات الطبية تبرعت بهما للولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فهل تنجح مساعي إردوغان للوقوف على قدميه مرة أخرى والخروج من الأزمة الاقتصادية التي ستؤثر بشدة على شعبيته في الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات. 
 
المصدر: الحرة

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية