تحرير الحديدة.. والمتغيرات الكبيرة المرتقبة...!
يمتزج الدم اليمني والعربي اليوم في معركة تحرير مدينة الحديدة من عصابة الحوثي الكهنوتية الإيرانية، بشكل لم يحدث إلا في لحظات محدودة من سفر تاريخنا العربي المعاصر وفي هذا تأكيد على الأهمية الاستراتيجية لهذه المعركة ببعدها الوطني والعربي والدولي وما ستحدثه من متغيرات سياسية وعسكرية واقتصادية وأمنية سواء على مستوى اليمن وفي المقدمة استعادة النظام الجمهوري أو على مستوى المنطقة ويتمثل ذلك بالحفاظ على الأمن القومي العربي وقطع يد التدخلات الإيرانية بشكل نهائي في الجزيرة العربية ودول الخليج، أو على صعيد وتأمين الملاحة الدولية من أية مخاطر أو تهديدات حاضرا ومستقبلا .
ليس مستغربا أن ترمي عصابة الحوثي الإيرانية ومنذ فترة الصريع صالح الصماد بكل ثقلها في هذه المعركة دون سواها من المعارك، فهي تفعل ذلك لأنها تدرك أن تحرير مدينة الحديدة ستكون بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعش الإمامة، وإحراق لكل سيناريوهات المخططات التأمرية التي أوكلت ايران مهمة تنفيذها على شيعة الشوارع باليمن ، مقابل ما تقدمه لهم من دعم كبيرـ مادي وعسكري وسياسي وتعليمي ـ، انكس بشكل جلي في تدهور الأوضاع الاقتصادية في ايران في السنوات الأخيرة بصورة لافته بسبب النفقات الخيالية للحرس الثوري الإيراني لتمويل حروبه القذرة في اليمن والمنطقة .
معركة (النصر الذهبي) لتحرير الحديدة تحمل أبعاد استراتيجية يمنية وعربية ودولية فحشد قوات المقاومة الوطنية اليمنية المشتركة وقوات التحالف العربي ، يندرج في هذا السياق ، وتزامن ذلك مع إعلان الحكومة الإماراتية موقفا تاريخيا شجاعا بهذا الشأن وضع حدا لمحاولات عرقلة هذه المعركة، واعقب ذلك اجتماعا للجامعة العربية وإعلانها موقفا عربيا قويا، أكدت فيه داعمها ومساندتها لهذه المعركة، إضافة إلى عودة الرئيس هادي إلى عدن عقب زيارة إلى أبو ظبي، بعد الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن بشكل طارئ، إضافة إلى عودة المبعوث الدولي إلى صنعاء مجددا ، كل هذه التحركات تؤكد على أهمية المتغيرات التي ستحدثها معركة تحرير مدينة الحديدة ، سياسيا وعسكريا وامنيا وإنسانيا، على الصعيد اليمني أو على صعيد الصراع العربي - الإيراني..
إن أهمية معركة تحرير الحديدة أكبر من أن تختزل أو تصور بشكل عفوي في وعي الراي العام اليمني والعربي والدولي، بان هدفها هو السيطرة على ميناء الحديدة في تضخيم للبعد الاقتصادي ، والذي دفع الحوثي ومن يقفون خلفه لدغدغت العواطف في مجلس الأمن وعبر بعض المنظمات المشبوهة بالورقة الإنسانية، في محاولة مستميته بذلوها لإفشال معركة تحرير الحديدة والحيلولة دون تحقيق أهدافها الاستراتيجية، خاصة بعد أن ادرك الحوثة والداعمون لهم بهزيمتهم عسكريا، وعجزهم عن إيقاف تقدم قوات المقاومة الوطنية اليمنية المشتركة والتحالف العربي برغم أن الحوثي قد حشد كبار مجرمي عصابته وفي مقدمتهم الخبراء الإيرانيون ومن حزب الله اللبناني إلى الحديدة منذ يناير الماضي..
لن تكون معركة تحرير مدينة الحديدة حدثا عسكريا عاديا، بل إن انتصارا كهذا يعد فتحا عظيما أمام أبناء الشعب اليمني في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات للخروج في ثورة عارمة ضد الحوثي بعد أن سقط وهم البعبع (الذي لا يقهر) في الساحل الغربي ومدينة الحديدة على أيادي أبطال حراس الجمهورية من المقاومة الوطنية اليمنية المشتركة، والذين دفنوا كبار الإرهابيين الحوثيين الإيرانيين في ارض تهامة.
ولا نفشي سرا عندما نقول إن انتصار معركة تحرير الحديدة سيكون بمثابة إعلان ساعة الصفر لثورة وطنية بالعاصمة وبقية المحافظات، حيث وهناك استعدادات كبيرة لذلك، حتى داخل صفوف مليشيات الحوثة، وفي جبهات القتال، وفي داخل الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية، وأيضا بين كبار مشرفي الحوثة، وستثبت الأيام القادمة أن انتفاضة الثاني من ديسمبر مستمرة..
الانتصارات التي يجترحها الشعب اليمني اليوم والأشقاء في التحالف العربي بقيادة السعودية، ستقود بكل تأكيد إلى أحداث متغيرات كبيرة، ومنها متغيرات في أولويات قضايا الحوار وفي جبهات القتال التي يخوضها شعبنا ضد هذه العصابة، خلافا للمتغيرات التي ستحدث عقب قطع أيادي إيران في اليمن وعدم تمكينها من العبث مجددا بالمنطقة عبر السواحل اليمنية.
وما نود التأكيد عليه هنا: هو أن تحرير الحديدة سيضع ملف الأزمة اليمنية أمام قضايا جديدة فامتثال الحوثي لإرادة الشعب اليمني وتنفيذ القرارات الدولية، ومنها إخراج ميليشياته من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي ماتزال عصابته تحتله وتسليم الأسلحة، هذه القضايا وغيرها سينفذها بدون جدال، لكن المتغيرات العسكرية الناجمة عن معركة تحرير الساحل الغربي تضع الجميع أمام مرحلة وأولويات واستحقاقات جديدة.. وإذا كان لابد من العودة إلى طاولة الحوار، فسيكون حوارا لترتيب عملية استسلام عصابة الحوثي الإيرانية، لأنه بات من المستحيل بعد كل هذه التضحيات والدمار والدماء أن تعود الأطراف اليمنية لتناقش مجددا قضايا وموضوعات رفضها الحوثي في حوارات جنيف والكويت.