المليشيات تلفظ أنفاسها الأخيرة على شواطئ الحديدة ومقاتلوها يهربون من الموت
لأول مرة منذ الانقلاب، يلجأ الموالون للمليشيات إلى إطلاق النار على أنفسهم في أماكن غير قاتله كي لا يتم إرسالهم إلى الجبهات، ولأول مرة أيضًا منذ الانقلاب، تعجز مليشيات الحوثي عن حشد مقاتلين في أهم معاقلها بالعاصمة صنعاء، ويعتدي السكان في مدينة صنعاء القديمة التي ظلت مخزنًا بشريًا لها على مشرف حوثي طالب عاقل إحدى الحارات بحشد مقاتلين لإرسالهم إلى جبهات القتال.
ففي السابق، كانت المليشيات لا تواجه أدنى صعوبة في إقناع الموالين لها للذهاب إلى الجبهات للمشاركة في القتال ضد المقاومة والشرعية والتحالف، تلك كانت مهمة سهلة سيما في معاقل لها، استنزفت مليشيات الحوثي أبناءها بإرسالهم إلى جبهات القتال، ولقي الكثير منهم مصرعه بمعارك أو غارات للتحالف طوال مدة الحرب الماضية، لكن اليوم، ثمة صعوبة كبيرة تواجه المليشيا في إقناع الموالين لها للتوجه إلى جبهات القتل في ظل الضغوط الكبيرة والهزائم التي تتعرض لها عند الساحل الغربي للبلاد.
وفي هذا الصدد يقول الكاتب نجيب غلاب في تغريدات على تويتر "إن الحوثية ستهزم بعد أن تصل بمشروعها إلى قاع البرميل وهذا الانتصار الأهم بالنسبة لليمنيين. ورطت آلاف الأسر وبالأخير ستخرج بما نهبت كلص وتحمل أثقال الجريمة ولصالح العصابة وسيفرون بالأموال ويتركون خلفهم المقابر. الحوثية تقاتل ببقايا الحمقى وسقوطها المذل قد اقترب".
ويفصّل غلاب في تغريدة أخرى دور انتفاضة ديسمبر في القضاء على الحوثية بالقول "انتفاضة الثاني من ديسمبر تتحرك اليوم بالعنفوان والتحدي ومازالت في بداياتها الاولى. وتتراكم قوتها. واعتمالات تغلي وستحدث انطلاقات منظمة وتلقائية لتهيئة الأوضاع للانتفاضة الشاملة. براكين الغضب مكبوتة ولن يتمكن أحد من ردها لا في الداخل ولا من الخارج. كانت اندفاعاتها الأولى عبقرية".
عناصر يصيبون أنفسهم
وظهرت ملامح الصعوبات الكبيرة في الحشد، بقيام عشرات الجنود بإطلاق النار على أنفسهم في أماكن غير قاتلة، كي لا يتم إرسالهم لجبهات القتال. ذلك كان قبل عدة أيام بالعاصمة صنعاء عندما كانت المعارك على أشدها بين عناصر المليشيا الانقلابية والمقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح على الساحل الغربي للبلاد.
وأفاد مصدر أمني لـ "وكالة 2 ديسمبر"، بوصول عشرات الجرحى الحوثيين إلى مستشفى الشيخ زايد بالعاصمة صنعاء خلال الأيام الماضية، مضيفًا أن غالبية الجرحى الواصلين مصابون بطلق ناري في أماكن غير قاتلة.
ووفق المصدر، قام العناصر الحوثية بإطلاق النار على أنفسهم في أماكن غير قاتلة، كي لا يتم إرسالهم لجبهات القتال، بعد طلب مشرفي المليشيات منهم التوجه إلى جبهات القتال. وأثار ذلك، غضب قيادة ميليشيات ودفعها إلى تشكيل لجنة للتحقيق مع الجرحى، متهمة العناصر الحوثية بالتخاذل والخيانة.
نفاد مخزون المليشيات
وأكثر مما سبق، تجلت صعوبة الحشد بصورة أوضح، بنفاد المخزون البشري للمليشيات الانقلابية في صنعاء القديمة بعد رفض السكان التوجه إلى جبهات القتال، والاعتداء على المشرف الحوثي الذي طالبهم بذلك.
وأفاد مصدر محلي بصنعاء القديمة لـ "الوكالة"، باعتداء مصلين في الجامع الكبير بصنعاء على المشرف الحوثي "خالد المداني"، نتيجة محاولته إلزام إحدى الوجاهات الاجتماعية في المدينة بحشد مقاتلين للدفع بهم إلى جبهات القتال.
بحسب المصدر، رفض عاقل الحارة الاستجابة لضغوط المشرف المداني، فنشبت خلافات بينهم داخل الجامع، متابعًا أن الأهالي انضموا للتضامن مع عاقل الحارة ورفضوا الاستجابة للتحشيد، واعتدوا على المداني، ما أدى إلى اصابته بجروح.
وربما هي المرة الأولى، التي يعجز مشرف المليشيات خالد المداني في إنجاز مهمته بحشد مقاتلين من مدينة صنعاء القديمة، حيث كانت المهمة من قبل لا تحتاج إلى كثير من العناء.
اختطاف الأطفال لمواجهة العجز
ومع صعوبة حشد الموالين لها إلى الجبهات، لجأت ميليشيات الحوثي إلى استهداف الأطفال وتضليلهم، ومن ثم إرسالهم إلى جبهات القتال التي تواجه فيها ضغوطاً عسكرية كبيرة خصوصًا عند الساحل الغربي للبلاد حيث تتعرض لهزائم متواصلة على يد القوات المشتركة التي أصبحت على مشارف مدينة الحديدة.
وأفادت مصادر محلية، بأن ميليشيات الحوثي تنشر مشرفيها في مجالس القات، حيث يقومون باستقطاب الأطفال، وإرسالهم إلى جبهات القتال بعد إخضاعهم لدورات دينية على يد المشرفين الثقافيين التابعين لها، ودون علم أهاليهم، ولا يعلم أهاليهم إلا بعد عودتهم جثثاً هامدة، حدث ذلك في منطقة نقم شرقي العاصمة صنعاء.
وحسب المصادر، أخذت ميليشيات الحوثي الطفل ‘‘حسن لطف الزقار’’15عامًا، موضحة أن الطفل مختفٍ منذ خمسة أيام بعد أخذه من قبل المليشيات إلى إحدى جبهات القتال دون معرفة أهله.
وتحدث القيادي المنشق عن المليشيات "علي البخيتي" عن طريقة استدراج الأطفال من قبل المليشيات "هناك الكثير من الأسر تبحث عن أطفالها؛ يختفون فجأة بعد تواجدهم في مجلس قات للحوثيين او حضورهم دورة دينية؛ ودون سابق إنذار يكتشفون انهم في الجبهات وكلها أيام ويعودون إليهم في نعوش او يشاهدونهم على الفضائيات بين الأسرى. هناك مذبحة حوثية بحق الأطفال واليافعين؛ جريمة ضد الانسانية".
ودعا البخيتي، الآباء في صنعاء إلى مصادقة أبنائهم، وتوعيتهم بمخاطر الاقتراب من الحوثيين، وتحصينهم ضد الخزعبلات الحوثية، مشددًا على أهمية توعية الأطفال أن الزوامل والأناشيد الحوثية ما هي الا وسيلة لجرهم إلى الموت دفاعًا عن خرافة الولاية، لا عن الوطن.
وفي نفس السياق، تحدث الناشط "حامد غالب" عن تزايد الإعلانات في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية عن أطفال مفقودين وضائعين، لافتًا إلى أن غريم أهالي الأطفال المفقودين هو مشرف الحوثي في منطقتهم.
وكشف عن قيام ميليشيات الحوثي بنقل 20 طفلًا من منطقة نقم إلى جبهات القتال، وعادوا جثثاً هامدة إلى أهاليهم.
وهنا، يتضح جليًا نفاد المخزون البشري للمليشيات الحوثية ووصول حالة الرفض الشعبي ضدها إلى ذروتها بامتداد الرفض إلى صفوف الموالين للمليشيات، بعد أن كان مقتصرًا في السابق على المعارضين لها والغاضبين من ممارساتها.
وبعد كل ما سبق، أدرك زعيم المليشيات "عبدالملك الحوثي" تزايد حالة الرفض الشعبي ضد ميليشياته إلى الذروة برفض الموالين له التوجه إلى الجبهات، فقرر الظهور قبل أيام في مهمة يسعى من خلالها إقناع الموالين له التوجه إلى الجبهات بحديثه عن فصائل الجهاد وواجبه واستدعى مفاهيم وطنية ودينية إلى كلمته وذهب إلى أبعد من ذلك إلى مقارنة واجب القتال إلى جانب ميليشياته شرعًا وواجب الصوم، غير أن مهمته مكتوب لها الفشل مسبقًا لأسباب عدة، منها أن السكان أدركوا الصورة الحقيقية للمليشيات، والثقة المؤكدة بأن موعد انقراض الجماعة الإرهابية بات أقرب من أي وقت مضى، بعد وصول المقاومة الوطنية إلى مشارف محافظة الحديدة، وتقدمات قوات الشرعية والتحالف في محافظة صعدة شمالي البلاد.