غريفث زار الحوثيين بميناء الحديدة وتجاهل المدينة وسكانها الذين حولتهم المليشيا إلى رهائن
انقضت زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى مدينة الحديدة بعد وقت وجيز من وصوله إليها وزيارته ميناء المدينة على عجالة، وقبل أن يتجول المسئول الأممي في مدينة الحديدة أجبرته المليشيات على مغادرتها قسراً عبر إطلاقها صاروخين باليستيين من وسط الأحياء السكنية سمع دويهما في المدينة إيذاناً بمغادرة غريفيث نحو صنعاء مرة أخرى.
زيارة المبعوث الأممي إلى الحديدة كانت الأكثر واقعية من أي زيارات سابقة، ذاك لأنه كان يقف على بعد ثلاثة كيلو مترات فقط من مواقع المقاومة اليمنية ويمكنه سماع طلقة رصاصة كلاشنكوف تخرج من بنادق المقاتلين الوطنيين على أعتاب المدينة الفاضلة، لكن فحوى الزيارة إلى المدينة كانت مثار شكوك كبيرة لدى اليمنين بلا استثناء.
وفي بيان صادر عن المبعوث الأممي أعقب الزيارة قال غريفيث حرفياً "أنا هنا اليوم لأخبركم أننا قد اتفقنا على أن الأمم المتحدة يجب أن تنخرط الآن وبشكل عاجل في مفاوضات تفصيلية مع الأطراف للقيام بدور رئيس في ميناء الحديدة وأيضاً على نطاق أوسع". لافتاً إلى أنه بحث مع قيادة المليشيات الكهنوتية كيفية إسهام المنظمة الدولية في الحفاظ على السلام في الحديدة، غير آبهٍ بأن القادة الذين بحث معهم هذا الجانب لم ولن يؤمنوا بالسلام على الإطلاق.
وعلى أطراف المدينة وأحيائها المتقدمة تترقب المقاومة اليمنية على أهبة الاستعداد للانقضاض على عناصر المليشيات الإرهابية في المدينة إذا ما جنحت للسلام الذي يثني عليه العالم لإنهاء معاناة اليمنيين، وتستغله المليشيات لتعزيز تواجدها وترتيب صفوفها استعداداً لجولة قتال قادمة تنهي أثرها في الحديدة.
وطبقاً لمصادر مطلعة فإن المبعوث الأممي لم يزر أي منطقة أخرى في الحديدة غير الميناء، حيث أتاحت له المليشيات طريقاً آمنة إليه، وحجبت عنه أرجاء المدينة الأخرى التي تحولت إلى ثكنة عسكرية ومعسكرا ينتشر فيه مقاتلوها وعتادها العسكري، متعمدة في ذلك إغواء المبعوث الأممي وإيصال رسالة مضللة له بأن "المدينة بخير"، وهو بدوره –أي المبعوث الأممي- لم يلتفت ليقضي قليلاً من الوقت في المدينة ويرى كيف أحالتها المليشيات الحوثية إلى خراب ودمار وثكنات ومتارس ولغمت وفخخت مبانيها ومنشآتها وحولت سكانها إلى رهائن.
وبناء على تصريحات المبعوث الأممي الذي أردف فيها أن قادة العالم يصرون على السلام في الحديدة ويتابعون الأمر، فإن الرجل الذي قال إنه اتفق مع الأطراف اليمنية بشأن ميناء الحديدة لم يلتقِ في زيارته الأخيرة سوى قادة المليشيات فقط، في وقت تصر فيه الحكومة وقيادتها على ضرورة أن يكون الميناء خاضع لسيطرة الدولة اليمنية وفق المسوغ القانوني والسيادي الذي يلزم الجميع بتقبل هذا الأمر، وكذا بناءً على القرارات الأممية الملزمة في هذا الصدد.
إن الظروف القائمة في مدينة الحديدة لم تعد مثار نقاش طويل بقدر ماهي بحاجة إلى الحسم الفوري لإخراج المدينة من ليلها المظلم، وليدرك الجميع أن التحالف العربي كان قد وجه دعوةً للأمم المتحدة في يناير الماضي للإشراف على ميناء الحديدة لكنها لم تتجاوب مع الدعوة، وتركت الميناء متاحاً للمليشيات لتهريب السلاح واستقدام الخبراء الإيرانيين ونهب مقدراته كاملةً، وعندما استشعرت اقتراب نهاية المليشيات قررت أن تدخل طرفاً ثالثاً لتنجد الانقلابيين، وذاك يطرح تساؤلا ملحا "هل جاء مبعوثها للحل أم لإنقاذ المليشيات؟!".