ضبط الشحنة الكيميائية في باب المندب.. مؤشر على استراتيجية إيرانية جديدة في اليمن
في عملية استخباراتية وبحرية نوعية، تمكنت قوات المقاومة الوطنية، عبر قوتها البحرية واستخباراتها العامة، من ضبط قارب محمّل بمواد كيميائية ومعدات عسكرية متقدمة قبالة مضيق باب المندب.
كانت الشحنة في طريقها إلى ميليشيا الحوثي، قادمة من إيران، مما يكشف عن تطور خطير في عمليات التهريب للأسلحة الإيرانية إلى مليشيا الحوثي، ويدق ناقوس الخطر بشأن نوايا طهران لتحويل اليمن إلى منصة لتهديد الأمن الإقليمي والدولي.
"ضربة استخباراتية" تكشف ما هو أبعد من التهريب
العملية التي وصفت بـ"ضربة استخباراتية – بحرية" تمت بعد تتبع استخباراتي دقيق، وأسفرت عن اعتراض القارب وقطره إلى موقع آمن. لم تكن هذه مجرد عملية ضبط روتينية، بل مثلت، بحسب مستشار وزير الدفاع اليمني محمد عبدالله الكميم، "قفزة نوعية في قدرة الاستخبارات والعمليات البحرية للمقاومة من رصد وتتبع المعلومات إلى تنفيذ اعتراض بحري منظم". وفق نشر له على حسابه في منصة فيسبوك.
من جانبه أشار الصحفي والمحلل السياسي محمود الطاهر إلى أن مكونات الشحنة تشير الى أنها كانت مخصصة لتطوير القدرات العسكرية للحوثيين بشكل نوعي.
مشروع إيراني لتهديد الملاحة العالمية
يرى المستشار الكميم أن هذه الشحنة تتجاوز مفهوم التهريب التقليدي. ويؤكد أن "هذا ليس تهريبًا عابرًا، بل مشروع يهدف إلى تحويل اليمن إلى منصة صناعية عسكرية تهدد أمن الملاحة الإقليمية والعالميّة". هذا الرأي يعززه ما ذكره الصحفي محمود الطاهر، الذي حذر من أن "الخبراء الإيرانيين الموجودين في ورش تصنيع عسكري في صعدة قد يعملون على صنع سلاح كيميائي يهدد به دول الجوار"، مشيراً إلى عمليات ضبط سابقة لمواد حساسة أخرى.
وشدد الدكتور محمد الشدادي على أن هذه العملية تكشف عن الطبيعة الحقيقية لميليشيا الحوثي، واصفاً إياها بأنها "جماعة لا تعرف للسلم بابًا". وأشاد بيقظة المقاومة الوطنية التي تقف لهم بالمرصاد، مؤكداً أن "اليمن وساحلُه الغربي ومياهُه جزءٌ لا يتجزأ من أمنها الإقليمي العربي والعالمي!".
وأثنى الشدادي على قيادة المقاومة الوطنية، معتبراً أن اليمن في هذه المرحلة الحرجة يحتاج إلى حكمة وبصيرة. وقال: "البلدان التي تمرّ بمراحل تحوّل كبرى لا تحتاج إلى شعاراتٍ ولا إلى تهويماتٍ أيديولوجية، بل تحتاج إلى قيادةٍ ذكية". وأضاف أن القيادة الحكيمة "تجيد العمل في الهامش الضيّق، وتبني الممكن المتاح لا المثال المؤجّل"، وهو ما يعكس استراتيجية التعامل مع واقع معقد ومليء بالتحديات.
دعوات ملحة لتحرك دولي فوري وعملي
أجمع المعلقون على أن هذا الإنجاز الأمني المحلي يجب أن يكون شرارة لتحرك دولي فاعل، حيث إن التهديد يتجاوز حدود اليمن. وقد لخص محمد الكميم المطالب الملحة بقوله: "لا يكفي الاحتفاء بالإنجاز الأمني المحلي... المطلوب الآن تحول فاعل في الموقف الدولي". ودعا إلى تقديم "دعم عاجل ومباشر للقوات المسلحة اليمنية وخفر السواحل".
وحث الكميم على أهمية تسريع تنفيذ الشراكة الدولية التي أُعلنت في الرياض و"تحويلها من بيانات إلى تمكينٍ عملي (تدريب، تجهيز، تبادل استخباراتي، وإجراءات قانونية لقطع التمويل واللوجستيات)، وتشكيل "تحالف دولي حقيقي ومُنسّق يضع آليات ردع وملاحقة لشبكات التهريب والجهات الممولة"، ومنح الشركاء اليمنيين الأدوات اللازمة لقطع شرايين الإمداد بشكل نهائي.
واختتم الكميم تحذيره بالقول: "الوقت ليس لصالحنا... مواجهة هذا المشروع تتطلب سرعة قرار وتحالفًا عمليًا لا كلاميًا".
نقطة تحول تتطلب استجابة حاسمة
تمثل عملية ضبط الشحنة الكيميائية في باب المندب نقطة تحول تكشف عن مستوى جديد من التهديد الذي تشكله الأنشطة الإيرانية في اليمن. إذ لم يعد الأمر يقتصر على تهريب أسلحة جاهزة، بل تطور إلى محاولة بناء قدرات تصنيع عسكري متقدمة على الأراضي اليمنية، مما يهدد أمن الممرات المائية الحيوية والاستقرار الإقليمي.
هذا التطور الخطير يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، ويؤكد أن الحل في اليمن لا يمكن أن يقتصر على المسار السياسي فقط، بل يتطلب إجراءات أمنية وعسكرية حاسمة لتجفيف منابع الدعم الخارجي لمليشيا الحوثي وحماية الأمن العالمي.









