من مرفأ بيروت إلى رأس عيسى إلى بندر عباس.. الحرس الثوري يخسر موانئه واقتصاده ومصادر تمويل مليشياته
في لحظة مشبعة بالفرح الوطني والعربي والإنساني، تلوح في الأفق بشائر تراجع المشروع التوسعي الإيراني الفارسي، الذي لطالما اعتمد على شبكة من الموانئ الاستراتيجية لتمويل مليشياته وفرض هيمنته في المنطقة العربية.
من مرفأ بيروت، الذي تحول إلى مخزن كبير لأسلحة حزب الله، إلى رأس عيسى الذي استغله الحوثيون كورقة ضغط بحري في البحر الأحمر، وتصل إليه الصواريخ الإيرانية بالغواصات، وصولًا إلى بندر عباس، المعقل الاقتصادي والعسكري للحرس الثوري الإيراني؛ جميعها اليوم تشهد تصدعًا كبيرًا، وانهيارًا متسارعًا يحطم آمال التوسع والسيطرة.
طبعًا هذه الخسائر ليست عادية، بل تمثل بداية النهاية لمشروع ظل يغذي الحروب والنزاعات والتطييف، ويزرع الفوضى في جسد الأمة العربية.
نعم، لقد عانى العرب لعقود من التدخل الإيراني عبر وكلاء الطائفية والموت، ولكن اليوم، تسقط أوراق اللعبة واحدة تلو الأخرى.
مرفأ بيروت، الذي كان القلب النابض لاقتصاد لبنان، تحول بفعل تغلغل حزب الله إلى مركز تهريب وتخزين للسلاح والمواد المتفجرة، حتى وقع الانفجار المروع في أغسطس 2020، ليكشف للعالم أن الميناء لم يعُد رئة اقتصادية، بل قنبلة موقوتة تدار لصالح الحرس الثوري ومخططاته.
منذ تلك اللحظة، بدأ النفوذ الإيراني يتآكل في لبنان، وبدأ الشعب اللبناني- بمسيحييه ومسلميه- يصرخ بأعلى صوته ضد الاحتلال الإيراني المغلف بالطائفية.
أما رأس عيسى، الميناء اليمني الاستراتيجي الواقع على البحر الأحمر، فقد حاول الحوثيون استخدامه لابتزاز العالم عبر تهديد الملاحة الدولية وزرع الألغام البحرية أيضًا. غير أن الضغوط الإقليمية والدولية، ودور التحالف العربي بقيادة السعودية، أسفرت عن تحجيم هذا الخطر وتضييق الخناق على مصادر تمويل الحوثيين الذين يتغذون على النفط المنهوب والابتزاز الممنهج.
رأس عيسى اليوم، بفعل الضربات الأمريكية، لم يعُد ورقة رابحة بيد المليشيات، بل عبئًا إضافيًا يكشف طبيعتهم الإرهابية أمام المجتمع الدولي.
وفي بندر عباس، الرئة الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني، يتوالى الانهيار الاقتصادي لإيران تحت وطأة العقوبات الأمريكية والغضب الشعبي الداخلي.
من مدينة مشهورة بتصدير النفط والسلع إلى سوق سوداء مضطربة، تتدهور أوضاع بندر عباس بصورة تعكس مدى انحدار إمبراطورية الحرس الثوري، التي باتت عاجزة عن دفع رواتب مقاتليها، أو تمويل مغامراتها الخارجية في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
هذا التراجع الميداني والاقتصادي يعني ببساطة أن الحرس الثوري يخسر شبكة التهريب والتمويل التي كان يعتمد عليها لتغذية مليشياته. بمعنى أدق؛ إنه فقدان تدريجي لكنه عميق للجسور التي طالما عبرت منها المشاريع التخريبية.
على أن فرحتنا اليوم، نحن أبناء هذه الأمة العربية، ليست شماتة في معاناة الشعب الإيراني المختطف بدوره، بل احتفال بميلاد حلم جديد في أن يعم السلام منطقتنا وتعود مرافئنا وسواحلنا تنبض بالتجارة الشرعية والتواصل الحضاري، لا بالتهريب والحرب والدمار.
ولقد آن أوان عودة الموانئ إلى أصحابها الحقيقيين، وآن أوان أن تنكسر سطوة السلاح الطائفي، ويُطرد الحرس الثوري من البحر والبر، لتشرق شمس الحرية على الشعوب العربية المكبلة.
صدقوني؛ إن ما يحدث اليوم ليس إلا خطوة أولى في مسيرة طويلة، ولكنها خطوة تستحق أن نحتفي بها ونتمسك بها بكل حب وإيمان. إنها ساعة الحقيقة، ساعة انتصار الشعوب العربية الحرة على مشاريع الكراهية والموت والعنصرية والكهنوت.
*من صفحة الكاتب في الفيس بوك