القفز من سفينة الحوثي المتهالكة
تتوالى هزائم مليشيات الحوثيين منذ اقترافهم خطأهم الوجودي بقتل الرئيس السابق الزعيم علي عبد الله صالح، المؤدي حتماً إلى زوالهم، فمنذ مطلع ديسمبر الماضي بدأت تنكمش تلك المليشيات بشكل ملحوظ من محافظات ومديريات ظلت تحت سلطتها سنوات عديدة، حيث يتضح الانهيار المتسارع في صفوف المليشيا واضحاً للعيان لا سيما مع سقوط قيادات ميدانية حوثية مؤثرة في جميع جبهات القتال بغارات من مقاتلات التحالف العربي أو في اشتباكات مع القوات الحكومية والمقاومة الوطنية والشعبية.
لقد بدأت سفينة الحوثيين بالتمايل مبشرة بسقوطها قريباً على وقع عاصفة كسرت أشرعتها وهيجان أمواج مقاومة وطنية وشعبية عاتية كسرت مجاديفها دفاعاً عن جبهات كانت تستميت من قبل في الدفاع عنها حتى وصل الأمر إلى سقوط مديريات محافظة صعدة معقل الحوثيين المقدس الوحدة بعد الأخرى. فأصبح واضحاً للعيان عدم قدرة المليشيات على الصمود في الجبهات فانحسرت رقعة تواجدها في المحافظات التي لا تزال تحت سيطرة المليشيات لاسيما في الساحل الغربي بالتوازي مع سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف، فتتوالى الانتصارات التي تجترحها قوات المقاومة الوطنية لعل أبرزها الوصول - في وقت قياسي - إلى مفرق البرح الاستراتيجي، وتطويق القوات الحكومية معقل المليشيات في صعدة ولم يتبقَ سوى خط صنعاء-صعدة الذي توعدت القوات الحكومية بالسيطرة عليه قريباً. وهذا هو حال جميع الجبهات في البيضاء والجوف التي تنفض غبار الكهنوت.
ومع اقتراب سقوط سلطة الكهنوت بدأ يطفو على السطح صراع الأجنحة الذي ظل خفياً فترة زمنية طويلة نسبياً كان نتاجها الفشل الأمني الذي أودى بكثير من قياداتهم كان أبرزهم صالح الصماد رئيس مجلسهم السياسي الأعلى، وعزل الموالين له فور مقتله، وتحجيم سلطات آخرين مثل عبد الكريم الحوثي الحاكم الفعلي لصنعاء الذي أصدر المشاط بوصفه رئيس مجلسهم السياسي الجديد قرار تعيينه وعشرات من المغضوب عليهم في مجلس الشورى. أدرك (المنتفعون) المعتادون التنقل من سفينة إلى أخرى، سريعاً قرب زوال حكم المليشيات الحوثية فبدأوا بالقفز من على متن هذه السفينة المهترئة التي لن تصمد طويلاً بحثاً عن مصالحهم الخاصة. ظهر جلياً من خلال تغير خطابهم وتصريحاتهم وإظهار تذمرهم العلني من المليشيات والمجاهرة بوصمها بالفساد وانتهاك الحقوق والحريات، ولن يستمر خضوع قبائل تم إخضاعها بالحديد والنار من قبل هذه العصابات الإجرامية، أو من أجبروا على تأييد تلك العصابات لا سيما منسوبي الوظيفة العامة خشية فقدانهم وظائفهم. هذا سيؤدي بالفعل إلى انهيار المليشيات من الداخل وسقوط المدن من بين أيديهم الوحدة بعد الأخرى.
ميدانياً يجب الإشارة إلى هروب قيادات عسكرية وميدانية وانشقاقها عن تلك المليشيات وانضمام مجاميع من أبناء القبائل إلى صفوف القوات الحكومية والمقاومة الشعبية التي أعلنت تأييدها طواعية بمجرد اقتراب المعارك منها خلال شهر الانهيارات الأخير، فالكل يريد أن ينفذ بجلده من مصير محتوم سيلاقيه قريباً جداً كل من تعاون ويتعاون مع تلك المليشيا لا سيما العسكريين والأمنيين، ولعل أسماء المنشقين والمتبرئين من مليشيات الحوثي لن تقف عند هؤلاء بل ستتوالى تباعاً بحثاً عن أطواق نجاة من الغرق المحتوم، وما علينا سوى ترقب الأيام القليلة القادمة الحبلى بالمفاجآت السارة.