الحرب العالمية الثالثة على الأبواب والجبهات مشتعلة.. فمن أين تبدأ؟
فات الأوان على تفادي الحرب العالمية الثالثة،
بؤر صراعات مشتعلة ومتشابكة تنذر بمواجهة كونية لا مفر منها.
سباق على التسلح والمناورة والتجنيد يترافق مع تحالفات لقوات تدميرية تشيء بصدامات بدأت تكتمل معالمها
وفيما تستعر حروب الخنادق والمسيّرات، تطل الترسانة النووية والصاروخية براسها زارعة الخوف من قادم الايام.
فهل يقف العالم أمام منحنى حرب عالمية مجزئة أم شاملة؟
وكيف ينتهي الانسداد العام في محاولة تسوية حروب توسعية في حالة مراوحة قاتلة؟
الجواب على الخريطة.
حين وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها خال للعالم إنها خاتمة الحروب الكونية، نظرا لتبعتها المميتة.
لكن الصورة عادت لتتعقد على جبهات عدة من أوروبا الى آسيا مرورا بالشرق الاوسط لتترسخ معها مراوحة تبحث عن تسوية او انفجار، لا أحد يضمن كيف يمكن ان تتطور حروب تعددت اطرافها وتوسعت جبهاتها.
خبراء استراتيجيون يجمعون على أن الحرب في اوكرانيا والتي بدأت بين موسكو وكيف أججت نيران الصراع بين الدول الكبرى، وأعادت الحديث عن امكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة، راس الحربة فيها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في النيتو من جهة، وروسيا والصين وحلفائهما من جهه أخرى.
هذه الحرب تهدد بتوسع رقعتها، أولها السماح لكيف باستعمال الاسلحة الغربية لضرب مواقع داخل روسيا وقد استخدمت اوكرانيا صواريخ أمريكية بمدى يصل الى 300 كلم لضرب اهداف في مدينة سبيستول في شبه جزيرة القارم.
والخطير في هذا الأمر،أن مثل هذه الحوادث قد تتكرر مع كشف تقييم لمعهد دراسة الحرب ان كيف يمكنها اليوم استهداف نحو 16% من المواقع العسكرية البرية لروسيا في مقاطعة بريان وكوسك وبلجرود، واذا حصلت على إذن أمريكي باستخدام صواريخ أتاكيمز على نطاق معين تصبح 84% من المواقع البرية الروسية في مقاطعتي فورينوج واستوف عرضة لصواريخها، وفقا لنيوزويك.
وما قد يفاقم خطر حرب شاملة وصول طائرات اف 16 مزودة بصواريخ بعيدة المدى، تعهدت أربع دول هي الدنمارك وهولندا والنرويج وبلجيكا، بتوفيرها لكيف.
ليس من الواضح حتى الآن هل سيسمح لها بالتحليق فوق الاراضي الروسيه لكنها قادرة على ضرب الطائرات الروسية من خلف حدودها، وهو ما يهدد بتصعيد الصراع الى مستوى غير مسبوق.
يضاف الى كل ذلك الخطر الاكبر المتمثل بارسال قوات برية غربية للقتال ضد روسيا في اوكرانيا، وهو مالوح به الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والزعماء أوروبيون آخرون،
ما قد يعزز مخاطر نشوب حرب عالمية على خلفية الحرب في اوكرانيا.
إقبال على تسلح بوتيره غير مسبوقه بشتى انواع الاسلحة التقليدية والحديثة على نحو يضع العالم على فوهة بركان.
وصل الانفاق على اقتناء الاسلحة الفتاكة الى اعلى مستويات منذ الحرب الباردة في كل مناطق العالم باجمالي ناهز ترليونين ونصف ترليون دولار في 2023 بارتفاع يتجاوز 6% عن العام الذي سبقه.
زاد الانفاق العسكري الروسي 24% ليتجاوز 100 مليار دولار العام الماضي بزيادة 57% عن العام 2014،وهو العام الذي ضمت في روسيا شبه جزيرة القرم.
ورفعت اوكرانيا بدورها انفاقها العسكري بنسبه 51% وزاد الانفاق العسكري الامريكي بنسبه 2.3% ليصل الى 916 مليار دولار في 2023، وحققت بولندا اكبر زيادة نسبية في اوروبا على الاطلاق في انفاقها الدفاعي الذي بلغ 31 مليار دولار بعد نموه 75% بين 2022 و 2023.
ورغم التحديات الأمنية المتعاضمة رفعت 23 دولة عضو في النيتو مساهمتها الى ما لا يقل عن 2% من ناتجها المحلي الاجمالي في مجال الدفاع.
من المتوقع ان تصل مساهمة الدول الاوروبية الدفاعية في النيتو مستويات قياسية ستبلغ 510 مليارات الدولار بحلول نهاية هذا العام.
لا تقتصر نزعة التسلح هذه على روسيا والنيتو، بل تمتد الى بؤرات ساخنة أخرى، ليست اقل اشتعالا، تحديدا الشرق الاوسط حيث توسعت حرب غزة في اسرائيل وحماس الى جبهات متعددة تهدد المنطقة والعالم بالانفجار.
ودخلت ايران بدورها على خط الصراع بالرد على قصف اسرائيل مبنى القنصلية الايرانية في دمشق باطلاق اكثر من 300 صاروخ ومسيرة باتجاه اسرائيل.
مع توسع الصراع رفعت اسرائيل الميزانية العسكرية الى نحو 27 مليار دولار ويتوقع ان يتجاوز انفاقها السقف المسموح به خلال العام المقبل بنحو 15 مليار دولار، وفق احدث ارقام نشرتها وزاره المالية الاسرائيلية.
والى جانب جبهة غزة والعراق وسوريا، قد تصل نيران جبهة البحر الاحمر وجبهة لبنان المهددتين بالانفجار الى المنطقة.
ظهر ذلك جليا في تهديد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بضرب قبرص اذا فتحت قواعدها ومطارتها أمام اسرائيل لضرب حزب الله.
تهديد صريح يضع البحر الابيض المتوسط في مرمى صواريخ حزب الله ومن وراء ايران واستنفار منطقة المتوسط بما تحتوي ودفع الامريكيين لتحريك حاملة طائرات واسطول مرافق لها باتجاه سواحل حيفا.
أكدت ايران في المقابل انه اذا بدأت الطائرات الاسرائيلية بقصف لبنان، فإن القوات الايرانية لن تراقب ذلك بصمت، ما يرفع مخاوف من حرب شاملة، وقد تلجأ ايران الى التصعيد في البحر الاحمر، كما يجري في اليمن وجبوتي وما بينهما مضيق باب المندب وخط الملاحة البحري الدولي الذي يهدد الحوثيين كل ما يحاول المرور عبره.
ايضا انتشرت حاملة الطائرات الامريكية يو اس اس آيزنهاور بفريقها المرهق من البحارة، واذا القينا نظرة اوسع على الخارطة، يظهر البحران الاحمر والمتوسط وايران من مكانها وعبر وكلائها تهدد باشعال البحار وعرقلة خطوط الملاحة في معظم الطرق البحرية الاستراتيجية، عبر مضيق هرمز ومضيق باب المندب، ومؤخرا في البحر الابيض المتوسط وما تسوق له على انه ضمن سياسة الردع لاسرائيل والولايات المتحدة، هو في الحقيقة يضع العالم أمام حرب عالمية.
وبين حربين حرب أوكرانيا المستعرة في أوروبا وحرب غزة المشتعلة في الشرق الاوسط، تشابكت التحالفات وتعمقت الانقسامات بين روسيا وحلفائها ايران وكوريا الشمالية والصين من جهة، وأوكرانيا والغرب من جهة أخرى.
تجري الولايات المتحدة مناقشات مع اسرائيل واوكرانيا بشأن امكانية نقل ثمانية من انظمة الدفاع الجوي من طراز باتريوت الموجودة حاليا في اسرائيل الى أوكرانيا.
وظهرت مدرعات من نوع أمير المضادة للالغام صنعت في اسرائيل لدى القوات الاوكرانية في مدينة خرسون جنوب اوكرانيا، في وقت سابق من الحرب، لكن الشركة الاسرائيلية المصنعة، لم تعلق على هذه الحادثة، وتتحدث تقارير عن ان اسرائيل ستزود بولندا بأسلحة يتم نقلها لاحقا لكيف.
تحركات دفعت نائب رئيس مجلس الأمن الروسي لتحذير اسرائيل من دعم أوكرانيا، روسيا في المقابل بدورها ستعمل على دعم اعداء اسرائيل، وهي ايران في اطار تعاون عسكري وثيق، وقد زودت ايران روسيا مؤخرا بنحو 400 صاروخ بالستي معظمها تكتيكي قصير المدى، اضافة الى مسيرات وقذائف مدفعية.
في المقابل ستحصل ايران على طائرات مقاتلة من طراز سخواي 35 ومروحيات مقاتلة ايضا.
وتعزز روسيا وشركات دفاعية مع الصين وكوريا الشمالية منذ بداية حرب أوكرانيا، في غضون ذلك ومع اطالة أمد الحرب في اوكرانيا وغزة، تحذر تقارير من ان تغتنم الصين فرصة انشغال العالم بهاتين الحربين، وتقدم على اعمال عسكرية لضم تايوان، وهي التي رفعت ميزانيتها العسكرية الى 296 مليار دولار.
تتوقع هذه التقارير ان يكون عام 2027 العام الذي يكون فيه الجيش الصيني جاهزا لمثل هذا التحرر، بعد استكمال عملية التحديث.
تحاكي الصين الهجوم على تايوان بمناورات عسكرية تجريها بانتظام في مضيق تايوان بالتزامن مع ذلك، وليس بعيدا عن الصين في شبه الجزيرة الكورية تواصل كوريا الشمالية إجراء تجارب نووية واطلاق صواريخ بشكل غير معلن في المحيط مما يستفز جارتها الجنوبية.
وفي جزء آخر من القارة الأسيوية تندلع اشتباكات بين الهند وباكستان في صراعهما على الحدود المشتركة، وتشتبك الهند مع الصين في منطقة متنازع عليها على طول الحدود في البلدين في الهملايا.
وفي أفريقيا تنشط الجيوش والجماعات الارهابية المسلحون المرتزقة والمليشيات وقطاع الطرق والقراصنة والانفصاليون في انجولا وكمارون وجمهورية أفريقيا الوسطى ودول أخرى.
وتتنافس الصين وروسيا والغرب على القواعد والنفوذ في حين ان النيران تشتعل في جميع انحاء القارة، ولا يستطيع اي منها تحقيق اي انتصارات طويلة الأمد على الجبهتين المزدوجتين لمكافحة الارهاب وحفظ السلام. وفق التقارير، هذه النزاعات ليست إلّا جزء يسير مما يجري في عالم مشتعل بالنزاعات وملي بالاسلحة، بحيث تجد 50 دولة نفسها، سواء في حالة حرب او منهكة بفعل العنف المستمر، وفق مؤشر الصراعات.
والخطورة في هذه الصراعات ان معظم الدول المعنية بها مسلحة نوويا، لا بل بعضها لوح باستخدامها، ولا شك في أن اي تصرف من هذا النوع قد يشعل حرب عالمية شاملة.
المصدر | سكاي نيوز عربية