أستشهد صالح، الذي انتفض من عمق الكهنوت الحوثي ولم يبالِ بكل الأحزمة النارية التي طوق بها الحوثي العاصمة طيلة سنوات من الصراع الكارثي في اليمن.

 

صالح الأقوى، والأجدر، وحبيب الملايين التي تنشد منذ مات كاريزما جديدة مكان الرجل الذي دونه أفرغت اليمن من الحضور القيادي فهو وباعترافات خصومه استطاع أن يحظى ببساطته جماهير تذكرنا بالعقود التحررية عندما استيقظ الشرق وداس بفوهات البنادق والزعامات عروش الطغاة والغزاة.

 

عندما تمادى الحوثي وطغى وأظهر النية القبيحة التي أخفاها تقية وتجبر وزن صالح الأمر، صدقوني، قاس النتائج ورأى بأم قلبه وبنظر كما أتخيل عارف الزوكا وطارق وثلة من الصادقين وقرروا أن الانتفاضة أقصر الطرق إلى الخلاص فإن نجح فذاك هو المن والسلوى أن يموت شهيداً وقد أشرع الطريق للجمهورية.

 

أشرع حقا الطريق لا سيما وقبل موته مل الشعب بحق المعارك الرتيبة والجبهات التي أصبحت منذ فترة فقط للارتزاق وكسب المال والسلاح وتشكيل قوى في مدن مثل تعز ومأرب وعدن قوى تنتمي للمراكز التقليدية الخشنة ولكن دفع صالح الثمن ليعيد بدمه وبمصير كل العائلة وهج الكفاح الذي انتمى إليه من زمن ماضٍ.

 

أعاد صالح الوطن إلى الواجهة وهناك بدأ العد التنازلي للمليشيات فرغم قتلهم علي عبدالله الذي صنع منهم مقتله قوة عصية على الاندحار وأثبتوا لكل المدن في قبضتهم أن الثورة محالة ولكن هزمت الجماعة شعبيا لتخسر استراتيجيا وعسكريا أيضا في الحديدة.

 

دماء الصالح شعلة ثانية، لذا لا تبكوا فلقد وهب العظيم روحه لئلا تخمد في مقلة الوطن شعلة الثورة التي تختزل السلال وأرواها محمد الزبيري وتعاقبت أياد جليلة منقوشة في جدر الحرية وتهتف: دمت يا سبتمبر.

 

حافظ صالح بمبدأ الشراكة على مكتسبات البلاد ولولا وجوده في قمة الحضور السياسي آنذاك لعمموا صنعاء بوشاح فارسي منذ سلبونا العاصمة ولكنه أعاق جماعة التوحش عن إفراغ محتوى سبتمبر ولم يرضخ ووافق على تغيير المناهج بل صمد بوجه الخمس أيضا.

 

بعد التحاقه بالرفيق الأعلى، وجد الحوثي فراغا كاملا فشرع لهوامير اللصوصية جني الخمس وعدنا سخرة فقط نكدح لنهب شلة مستبدة قد أخذت حقنا الكامل خمس ما تبقى وبدأ سيد الكهف بتهيئة ذهنية العوام وأخذ الولاية لقوم قد خلت أرواحهم وفي صرح علمي وأحال صنعاء قبل أيام إلى حوزة حسينية.

 

صالح هو الحاكم الأول الذي وحد البلاد وأسس التعددية وأنجز البنى التحتية ظهر جليا في الحديدة فهناك اندثرت أحلامهم بمعارك لا تشبه سابق الأمر حيث نخبة الجيش والشعب الثائر المتعطش لمعاقبة القتلة واستعادة الجمهورية.

 

أثرى صالح بوصاياه جبهات الوطن وعزز بشجاعة قل أن شاهدناها قلوب الرجال وربط على أفئدتهم بخيوط يمانية خالصة حيكت بدقة المعلم علي عبدالله صالح في أحلك السياقات والمعامع التي كسرت القمقم الذي وضعت الحوثية كامل الشعب فيه.

 

فقط وبوضوح صالح أخذ معه القرار ونحن بالحديدة أحوج لقرار شجاع فلقد استطاعت القوات المشتركة على تحقيق نصر أسطوري في بضعة أشهر ولكن نحن بحاجة القرار الأخير الذي سوف يقصم البعير الفارسي ويستنقذ من مخالب العمامة السوداء مدينة الحديدة ففي فن الحرب كل تأخيرة هزيمة وليست خيراً.

 

غصباً عن الأمم التي طالما أحرقت البلدان ولم تحقن منذ تأسست مدينة واحدة حرروا الحديدة فالقرار لكم وللذين عانوا أمري الحرب والكهنة فلن تصنع لكم كواليس المتحدة شيئاً إذا واجهوا في سحناتكم هزيم الرعود ولن يحجب عنكم النصر إلا المماطلة فالمعارك أيها القادة أول شروطها السرعة والمباغتة.

 

المعارك وخاصة كمعركتم ضد الحوثي تحتاج يا كواسر الوطن إلى شجاعة أخذ القرار ولتضربوا بأول حائط كل مماطلات ومهادنات المبعوث يا جوارحنا العظيمة فهناك طريق واحد إلى الميناء وأنتم تعرفونه جيدا وهو طريق الهجوم السريع الخاطف هناك بينما سادة الحرب يقبلون في أسرتهم الجميلات.

 

أعرف جيدا أن أمر المدينة محسوم وقدمتم بطولة يا أشاوس قل نظيرها ولكن الحوثي يعرف جليا أن البقاء في الحديدة وتعز وإب محال ويريد عبر هالته العالمية فقط المقايضة بهذه المدن ليكسب كما أعتقد أحقية النفوذ والسيطرة على إقليم أزال ومنفذ بحري كميدي يصله بسادة الكوارث في هذا العالم.

 

فوتوا فرصتهم وقولوا بالرصاص: تحيا الجمهورية.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية