سبتمبر النكبة وسبتمبر الثورة وبينهما صناع فجر أيلول المجيد
بكثير من المرارة والقهر يتذكر اليمانيون نكبة 21 سبتمبر الحوثية وكيف استغلت المليشيات صراع الصف الجمهوري وخلافاته حول قضايا متشعبة ودلفت في غفلة من الزمن إلى قلب اليمن وعاصمة الجمهورية ومنها إلى بقاع شتى من أرض السعيدة.
ومهدت مرحلتان فارقتان من تاريخ اليمن الطريق للمليشيات لتصل إلى مبتغاها وتشكل خطرا وجوديا على النظام الجمهوري والثورة السبتمبرية الأم كانت الأولى تهاون القوى الوطنية السياسية والاجتماعية عن مناصرة الدولة والجيش في مواجهة التمرد الحوثي الذي بدأ يهدد البلاد مستندا على دعم خارجي وتخاذل في الداخل.
حارب الجيش اليمني المليشيات المتمردة الحوثية وقدم آلاف الشهداء وكانت حينها قوى سياسية واجتماعية تطعن الجيش والنظام والدولة في الظهر من خلال التشكيك بنوايا الحرب وأهدافها رغم علم الجميع أن هذه المليشيات سرطان ينخر جسد الوطن.
قال محمد اليدومي يوما ما في حوار تلفزيوني مع قناة الجزيرة إن علي صالح الزعيم الشهيد طلب من الإصلاح القتال في صعدة مع الجيش لكن الحزب رفض حسب حديث اليدومي، وفي سياق آخر طلب الزنداني والإصلاح من صالح رحمه الله توظيف 11 ألفاً من خريجي جامعة الايمان في مدارس ومؤسسات والجيش في صعدة لكي يحاربوا المليشيات إلى جانب الدولة في ابتزاز عكس انعدام المسؤولية الوطنية وطغيان المصلحة الحزبية الضيقة.
وكانت المرحلة الثانية في 2011م حين غسلت الساحات رجس المفاهيم الإمامية الحوثية وجناية التمرد، وحولت النشاط التخريبي للمشروع الحوثي الفارسي إلى جناح ثوري وطني بل ابتهجت الساحات حين سيطرت المليشيات على صعدة وأعلنت سقوط اول محافظة في أيدي الثوار.
ورغم أن المليشيات الحوثية لم تهادن الإصلاح مثلا بل شنت حربا في الجوف على الإصلاح والمحسوبين عليه من أجل الاستحواذ على تركة لواء عسكري أسقطه المتمردون والمتآمرون حينها غير أن الساحات بقيت تشرعن للإماميين الجدد وتمنحهم صكوك الغفران والوطنية حتى حين كانت صنعاء تترنح أمام زحف المتمردين كان الثوار يتظاهرون لنصرة هادي ويتهمون صالح وحزبه بالانقلاب وأنه لا وجود للحوثيين وأن الحوثيين هم حرس جمهوري في أبشع عمليه تزوير وخداع للشعب عرفها تاريخ اليمن.
كان الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح مسكونا بالقلق على ثورة سبتمبر وعبر عن ذلك في كل خطاباته خلال سنين حكمه لتكون آخر رسالة له قبل استشهاده مطالبة الشعب بحماية النظام الجمهوري الذي خرج من رحم ثورة 26 سبتمبر غير أن الخطاب التخويني وتزييف الوعي واستهداف الثورة كان حاضرا بقوة في أبجديات الأطراف التي تكيل له التهم ليل نهار.
حين حاول الزعيم الشهيد صالح البقاء في صنعاء لحمايتها من الحوثنة وقارع بأدوات الدولة ومؤسساتها محاولات المليشيات تلك كان النصيب الأكبر من القصف والاستهداف تتعرض له مكامن قوته وحضوره الوطني الذي به يدافع من قلب العاصفة عن جدار الجمهورية.
وكان الفجور في الخصومة طاغيا على تعامل القوى الأخرى التي يفترض أنها تقاتل الحوثيين حتى وهي تشاهد المليشيات تبتلع الجمهورية كنظام حكم وجغرافيا، وعلمها أن صالح وحزبه وحتى قواته هم من الصف الجمهوري وتموضعهم في صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات يشكل شوكة في حلق المشروع الإمامي.
اليوم ونحن على أعتاب مرحلة مفصلية في تاريخ اليمن والأبطال في كل جبهات القتال يذودون عن جمهوريتهم ووطنهم متجاوزين صراعات وأحقاد الأمس لازالت العقليات السياسية وساسة قوى وطنية أو محسوبة أنها وطنية لا زالت تسوق لشق الصف الجمهوري والتعامل بعقليه إقصائية استحواذيه تحتكر الوطن والدفاع عليه وتؤثر على أداء الأبطال في الجبهات.
سبتمبر النكبة سيذهب إلى هامش التاريخ وسيكتب سبتمبر الثورة الأم نصرا جديدا وجديرا بالتضحية والفداء، وستخبو مشاريع التشكيك والإقصاء تحت وهج فجر جديد سيسلبه الأبطال من مخبأ الليل الحوثي الكئيب.