قصة نجاح| الفنانة التشكيلية باسكال الهمداني.. حين يصنع الفنان من معاناته سُلماً للإبداع
ليست مجرد ريشة أو ألوان ممزوجة ببعضها أو أدوات فحسب؛ بل فن بدأت فيه باسكال الهمداني منذ وقت مبكر، بخطة راسخة وإصرار حتى أتقنته بمهارة واقتدار، وارتقت في عالم الإبداع.
تقول باسكال الهمداني لوكالة" 2 ديسمبر": "بدأت موهبتي منذ كان عمري 6 أعوام، حيث كنت أشاهد المسلسلات الكرتونية، وأحاول تقليد الرسوم الكرتونية، ثم بدأت أشارك برسوماتي في الأنشطة المدرسية لإظهار موهبتي، كما شاركت في العديد من المعارض والمسابقات التي تقام على مستوى المدارس، وبعدها كان لي مشاركات على مستوى المحافظات اليمنية، ثم على مستوى الجمهورية".
مشاركات دولية
لم يكن عمر باسكال حاجزاً أمامها في مسابقة كبار الفنانين على المستوى المحلي والدولي؛ بل إن طموحها وإصرارها على النجاح حملها إلى ملتقى الفنانين العرب الدولي السادس في القاهرة، وتميزت بأعمالها الفنية في المعرض الدولي الذي أُقيم في جمهورية مصر، وهي الأصغر سناً بين المشاركين.
تضيف الهمداني: "شاركت بأكثر من 100 معرض محلي، وأكثر من 20 معرضاً خارجياً دولياً، ومن أبرز مشاركاتي الخارجية في القاهرة ملتقى الفنانين العرب الدولي السادس، شاركت أيضًا في معرض في القاهرة وكنت أصغر فنانة تشكيلية مشاركة، أُقيمت لي أمسية خاصة في دار الأوبرا ألقيت فيها قصائد عدة لعدد من الشعراء، أيضاً شاركت في معرض قصر الأنفوشي في الإسكندرية".
"شاركت أيضاً بأكثر من 100 مهرجان محلي في مجال الإلقاء والتقديم، وكان لدي مشاركة في مسرح مركز التعليم المدني في القاهرة، وحصلت على مراكز أولى في مسابقات عدة، ومنها مسابقة "الوطنية للفنون" وغيرها من المسابقات، وكذلك في برنامج المواهب العربي (Arabs got talent) في لبنان (بيروت)، وحالياً أنا في غمار المنافسة، حصلت على أفضل شخصية في العالم من دولة العراق"، تقول باسكال.
وتابعت: "حصلت على أكثر من 200 شهادة محلية ودولية، وثلاثة دروع من جمهورية مصر، وثلاثة دروع من وزارة الثقافة في صنعاء، كما أقيم لي معرض خاص بلوحاتي في محافظة تعز، (معرض باسكال التشكيلي)".
مرحلة المعاناة
لم تتوقف باسكال أمام أي عائق واجهها؛ فعشقها لفن الرسم قادها إلى تطوير نفسها، وتطويع الظروف لخدمتها، والبحث عن البدائل وتجاوز كل مستحيل، رغم المعاناة والصعوبات التي واجهتها منذ بداية مشوارها الفني، وهي تتجاوزه بالصبر والعزيمة والاجتهاد.
تروي باسكال لـ" 2 ديسمبر" قصة معاناتها والصعوبات التي واجهتها أثناء مسيرتها الفنية: "عانيت من صعوبات كثيرة في مشواري الفني منذ الصغر، وحتى الآن.. ولكن، الحمد لله، كنت أتجاوز كل هذا بالصبر والعزيمة والاجتهاد".
بدأت الهمداني ممارسة هوايتها في الرسم بالمكياج؛ إلا أنها واجهت صعوبات كبيرة في تثبيت الألوان: "بدأت أرسم بالمكياج، الكل وقف ضد الفكرة وانتقدوني، ولم يثنني ذلك. كانت عندي علبة مثبت شعر منتهية، خطرت لي فكرة تجريبية على الرسمة، تفاجأت بنجاح الفكرة، وتثبت اللون مما أكسبه بريقاً رائعاً جداً".
وأضافت: "لم تكن لوحاتي متميزة وما عندي لوحات كبار، لكن هذا لم يمنعني من المشاركة، فكنت أشارك بلوحاتي في كل المعارض لكي أتعلم".
وأشارت الهمداني إلى دور الوساطات في الوقوف حاجزاً أمام المواهب الصاعدة بقولها: "لم نحصل على تشجيع ولا دعم من المسؤولين في المحافظة، وعندما تقام مشاركات لا يسمحون لنا أن نشارك بمواهبنا.. كانت هناك وساطات من قِبل نافذين".
واستدركت: "كنت كلما أواجه هذه المواقف وأزعل، أصنع من زعلي قوة وإصراراً".
الحاجة أم الاختراع
الحواجز والمعوقات لم تثنِ باسكال عن مواصلة رحلتها.. ولم يمنعها عجزها عن شراء الألوان من ممارسة هواية الرسم، فقد ابتكرت تركيبة لونية فريدة كي تستمر في الرسم على اللوحات وتحقيق الذات.
تستعرض الهمداني ما ابتكرته في تركيبتها الفريدة للألوان: "كانت ظروفي صعبة ولم أكن أستطيع شراء ألوان. ولكنني لم أسمح لذلك بإعاقتي، فمثلاً إذا أردت اللون الأخضر كنت أستخرجه من أوراق الشجر".. مضيفة: "وبسبب عدم توافر ألوان بجودة عالية، فكرت أن أرسم بالمكياج على الورق، وكانت انطلاقة كبيرة وقريبة جداً للواقعية أكثر من أي خامة من الألوان، وهذا ما كان يميزني".
كذلك- تتابع باسكال- "لم أكن أمتلك الألوان المائية، فكنت استخدم الألوان الفسفورية وأدمجها مع الألوان الخشبية والنتيجة لون ساحر ومبهر جداً. وعندما كنت أشاهد الفنانين يمتلكون ألوان فحم حصلوا عليها من بريطانيا، أو اشتروها من هنا كنت أحزن، لكن ذلك لم يحبطني، إذ أخذت فحماً وطحنته واستخدمته، غير أنه لم يكن بنفس الجودة، فأخذت كحل العين وجربته فظهر بجودة أفضل من ألوان الفحم المستورد".
تُعتبر باسكال مثالاً يُحتذى به في مدينة تعز، للشباب الطموحين والموهوبين الذين يسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم وتطوير مهاراتهم الفنية.