قصة نجاح | نسرين المرشدي.. فنانة تتحدى الظروف وتشكل مستقبلها بالألوان
نسرين المرشدي، ذات الـ27 ربيعًا، التي تعمل محاسبة مالية في مؤسسة السعيد في محافظة تعز، فنانة تشكيلية تحظى لوحاتها بإعجاب الكثيرين، وتحقق نجاحًا كبيرًا في هذا المجال، وتخطو بثبات تجاه تحقيق أحلامها في الفن التشكيلي.
تحدٍّ وإصرارق
تقول نسرين لوكالة 2 ديسمبر: "عشتُ حياة صعبة في مجتمع لا يروق له دراسة المرأة، ولا يرى لها مستقبلًا أبعد من الزواج والمطبخ".
وتسرد المرشدي، قصة كفاحها، ومعاناتها في سبيل الالتحاق بالدراسة الجامعية، التي لم تتوقف عند إقناع والدها بصعوبة للسماح لها بالخروج من قرية (الشوافة)، حيث كانت تسكن مع أسرتها، إلى المدينة لتكمل تعليمها الجامعي؛ إذ انصدمت بعد ذلك بعقبة أخرى أكثر صعوبة، حيث لم تتمكن من دفع رسوم الجامعة وتكاليف المواصلات والسكن؛ فعملت في عدة مشاريع صغيرة مثل النقش والريزن والرسم البسيط، وتمكنت من اجتياز هذه المرحلة بجدارة.
"أكثر ما جعلني أهتم بالرسم بشغف كبير، هو تعرضي للسخرية من قِبل الآخرين، وخصوصًا سكان قريتي، الذين جعلوا مني أضحوكة، حيث يعتبرون الرسم مضيعة للوقت والجهد ومشروعًا لا ماديًا وفاشلًا، هذا أكثر دافع للإصرار والعزيمة".. تسترسل المرشدي وعلى ملامحها تفاؤل غزير.
في سبيل الرسم
بسبب انشغال نسرين بالعمل في النهار، اضطرت إلى ممارسة فنها في الليل ساعات طويلة، لتتطور في هذا المجال وتحقق إنجازًا يُذكر، وهذا ما سبب لها معاناة أخرى: "أصبح نظري ضعيف جدًا، ولا أستطيع الرسم إلا في ضوء النهار، ولأني مرتبطة بالعمل في المؤسسة لا أحصل سوى على ساعة واحدة أحاول فيها إنجاز رسوم الطلبات الشخصية، التي تُعتبر أكثر طلبية بالوقت الحالي".
نقلة إبداعية
تقول المرشدي إنها اهتمت بالفن التشكيلي بشكل كبير منذُ عام 2018، إلا أنها كانت تحتاج خبيرًا أو أستاذًا يوجهها ويصوب أخطاءها التي لا يلاحظها إلا المحترفون، حيث وجدت صعوبة كبيرة في تعلم ذلك من الإنترنت.
توضح: "انعدام المعاهد وشحة الدورات في الفن التشكيلي في المدينة، كان من الصعوبات التي يجب اجتيازها لأحقق حلمي بجدارة"، تتابع: "كدتُ أن أستسلم وأنا أرى لوحات ورسمات أكثر احترافية في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أعلم ما السر وما الذي ينقص لوحاتي بالضبط!".
سمعت نسرين عن معهد (إبداع شباب) في المدينة، الذي كان بمثابة حبل نجاة، فالتحقت به، وتمكنت من ضبط مقاسات رسوماتها ووصلت إلى درجة من الاحترافية، وبدأت تحقق لوحاتها رواجًا كبيرًا لتبرز أكثر في هذا المجال، كما تقول.
الرسم حياة
الرسم بالنسبة لنسرين هو الحياة، كما تقول، واصفة شعورها وهي ترسم بالعزف على بيانو وكل نغمة تحمل معاني وأسرارًا وتحرك الكثير من المشاعر والوجدان.
"لا تكاد تجد فنانًا تشكيليًا أو رسامًا بارزًا، إلا وهو مرهف المشاعر وحساس، يشعر بما يرسم ويعايش رسوماته؛ لذا هو بحاجة ماسة للتشجيع والإشادة، والبيئة المناسبة التي تمنحه حرية الإنتاج والإبداع بعيدًا عن الإحباط والسخرية".. تتحدث المرشدي بثقة عاطفية واضحة.
نسرين المستقبل
غالبًا الرسوم واللوحات التي منحتها نسرين كثيرًا من الوقت والجهد والمشاعر، والتي تحمل أفكارًا عميقة وعظيمة لا تعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي.. معللة ذلك بالقول: "أخطط لفتح معرض رسوم تشكيلية خاص بي، أعمل جاهدة رغم كل الصعوبات وضيق الوقت لتحقيق هذا الهدف في المستقبل القريب".
برزت نسرين المرشدي في فنها الإبداعي واهتمامها الكبير بمجال الفن التشكيلي، في ظل شحة المرافق والمراكز التي تعمل على تأهيل وتدريب الموهوبين في هذا المجال. وعلى الرغم من وجوده كتخصص في قسم الفنون الجميلة في الجامعات العربية، إلا أنه غائب عن أغلب الجامعات في اليمن عامة، وتعز خاصة، وحدها كلية الآداب التابعة لجامعة تعز كانت قد أدرجت هذا التخصص في أقسامها، وتخرجت منه دفعة مكونة من تسع طالبات برزنَ في الفن التشكيلي في تعز، وقوبلت أنشطتهن وأعمالهن الفنية بالاحتفاء، غير أن الجامعة ما لبثت أن ألغت تدريس هذا التخصص لأسباب مجهولة.