عودة التهديد بالتدخل العسكري في النيجر.. ما الأسباب؟
3 أشهر مرت على الانقلاب العسكري في النيجر، قطع فيها القادة العسكريون خطوات واسعة لتثبيت أركان النظام الجديد بتشكيل حكومة وتعيين قادة للأقاليم، ودفع فرنسا لسحب قواتها، إلا أنهم ما يزالون يواجهون تهديدا بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المعزول، محمد بازوم.
وصدر التهديد الأخير من كوت ديفوار، عضو المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس"، التي فرضت عقوبات قاسية على نيامي جرّاء الانقلاب؛ حيث قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيفوارية، أمادو كوليبالي، الخميس، إن خيار التدخل العسكري ما يزال مطروحا على الطاولة، وستلتزم بلاده بالقرارات المتَّخذة بشكل جماعي من هيئة المجموعة.
ويرى محللون سياسيون تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن خيار التدخّل العسكري مطروح بالفعل على طاولة "إيكواس" لكنه يظل مستبعدا، بسبب العوامل الداخلية والاضطرابات التي تمر بها دول "إيكواس" الداعمة لهذا الطرح، وكذلك انسحاب القوات الفرنسية سيؤثر سلبا على العملية في حال الإقدام عليها.
دولتان مأزومتان
المحلل السياسي النيجيري، تشارلز أسيجبو، يصف التدخل العسكري بأنه وإن كان مطروحا على الطاولة، لكنه غير فعّال، ومن خلال مراقبة تطوّرات الأحداث، يبدو أن العالم سيترك النيجر لمصيرها.
ومن تلك الأحداث التي يرصدها أن نيجيريا وغانا، اللتين من المفترض أن تقودا التدخل في النيجر، تواجهان تحديات داخلية قوية، وقد وُصفت غانا مؤخرا بأنها مفلسة، بينما تكافح نيجيريا التضخم، وتهدد نقابة العمال بالإضراب، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن قدرتهما على الذهاب نحو عملية عسكرية تحتاج إلى إنفاق كبير.
ضغط إعلامي
يتفق المحلل السياسي، علي موسى علي، مع استبعاد التدخل العسكري المباشر بعد سحب فرنسا لسفيرها وإعلان نيتها سحب جنودها من النيجر.
أما تصريحات الحكومة الإيفوارية عن أن التدخل العسكري ما يزال مطروحا، فيراها بعيدة عن الواقعية، قائلا: "وأعتقد هي من قبيل الضغط الإعلامي لا أكثر ولا أقل، من أجل الكسب على طاولة الحوار، فمجموعة إيكواس الآن دخلت في مفاوضات سرية مع السلطات الجديدة في النيجر للتوصل إلى صيغة جديدة من العلاقات، ويبدو أن التدخّل العسكري ليس من أولويات إيكواس الآن".
كما يستدل المحلل السياسي بأن "التغيير المفاجئ للموقف الفرنسي المتشدّد في بدايته يوحي بأن فرنسا وصلت لقناعة بأن خيار التدخّل العسكري مرفوض، سواء داخل الإيكواس التي كانت تقف خلفه أم حتى من بعض القوى الإقليمية والدولية، وهذا ما دفعها إلى تغيير موقفها وسحب سفيرها، لأنها لم تجد الغطاء الذي يوفّر لها التدخّل".
كانت "إيكواس" سارعت بفرض عقوبات اقتصادية على النيجر فور الانقلاب العسكري الذي وقع يوم 28 يوليو الماضي، وفي اجتماع طارئ لقادتها في 30 من ذات الشهر، أعلنت احتمال تدخلها عسكريا لإعادة السلطة إلى بازوم إن لم يتراجع الانقلابيون عن انقلابهم.
واعتبر قادة الانقلاب والكثير من النيجريين هذا التهديد بمثابة تهديد بغزو بلدهم وأيّدتهم في ذلك الجارتان مالي وبوركينا فاسو، وعقدوا تحالفا ثلاثيا ضد هذا التدخل؛ مما هدّد بتصدعات واسعة داخل "إيكواس".
تحذير وخسارة
بدورها، حذّرت فرنسا على لسان وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، من "انهيار" منطقة الساحل في وسط وغرب إفريقيا تحت وطأة هجمات الإرهاب بعد انسحاب القوات الفرنسية من النيجر وبوركينا فاسو ومالي.
واعتبر لوكورنو، في حديث نشرته صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، مساء الجمعة، أن انسحاب قوات بلاده من هذه الدول لا يعد إخفاقا للسياسة الفرنسية بقدر ما هو "فشل" للدول الثلاثة التي شهدت انقلابات عسكرية.
وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يوم 24 سبتمبر، سحب سفير بلاده من نيامي ومغادرة الجنود الفرنسيين الـ1500 المتمركزين في النيجر بحلول نهاية العام.
لكن الأكاديمي النيجري الحسين محمد عثمان، يرى أن إعلان ماكرون سحب القوات والسفير "هزيمة" لسياسة قصر الإليزيه في التعامل مع أزمة النيجر، و"خسارة موجعة".
في نفس الوقت، يتوقّع عثمان "خسارة أكثر" من فقدان الوجود العسكري، وهي أن يتم إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية مع باريس في الدولة الغنية باليورانيوم الذي تعتمد محطات توليد الطاقة في فرنسا كثيرا عليه.
وفي رأي المحلل النيجري، فإن ماكرون يحاول أن "يحفظ ماء الوجه" بإظهار أن الانسحاب جاء بمبادرة فرنسية.
وواجهت باريس أسابيع من المظاهرات النيجرية المعارضة لوجود قواتها، وأنهى المجلس العسكري الحاكم في النيجر مهمة السفير الفرنسي وطلب بخروج القوات الفرنسية؛ ردا على رفض فرنسا الاعتراف بحكمه، وتأييدها التدخل العسكري ضد نيامي.