سنوات النكبة الحوثية.. تدمير للاقتصاد اليمني وإفقار للشعب
منذ نكبة الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014م، وما رافقها من سيطرة المليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة وحربها على الشعب اليمني في كل المجالات.. والاقتصاد في اليمن يتعرض لنكسات موجعة انعكست في مجمل مؤشرات التنمية في البلد.
وقُدرت خسائر الاقتصاد اليمني خلال الفترة (2015– 2022) بنحو 143 مليار دولار، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي من 43 مليار دولار في العام 2014م، إلى 18 مليار دولار في العام 2022م، بنسبة تراجع قدرها 56 في المائة.
ويواجه 70 في المائة من اليمنيين خطر الجوع، وفق تقرير للبنك الدولي حول الاقتصاد اليمني، حيث خلفت الحرب الحوثية ما لا يقل عن 24.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 12.3 مليون طفل و3.7 مليون نازح.
كما دفع الانقلاب الحوثي 80 في المائة من السكان إلى ما دون خط الفقر، بفعل ارتفاع نسب البطالة وتضاعف الأسعار، وتوقف صرف مرتبات الموظفين، وتدني حجم الحركة التجارية، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وانعدام مدخلات الإنتاج الزراعي، الذي كان يُعد أكثر القطاعات استيعابًا للأيادي العاملة اليمنية.
فيما أكد تقرير حكومي ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 35 بالمئة والفقر إلى حوالي 78 بالمئة من السكان، فضلًا عن تعطل الكثير من المرافق الحيوية في مجال الكهرباء والتعليم والصحة والمياه والبيئة؛ نتيجة التدمير الذي أصاب أجزاء واسعة من البنية التحتية.
نهب البنك المركزي
المؤشرات الاقتصادية السلبية نتجت عن نهج حوثي متعمد لتدمير الاقتصاد، ابتداء من نهب احتياطي البنك المركزي اليمني، من العملة الصعبة، واستنزاف الاحتياطي النقدي من العملة المحلية، ونهب أرصدة صناديق التقاعد والتأمين، وتهديد الموقف المالي للمؤسسات المصرفية، وإقحام القطاع المصرفي في عمليات مشبوهة، ما أدى إلى تصنيف اليمن ضمن الدول عالية المخاطر في إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وجعل القطاع المصرفي في عزلة عن القطاع البنكي العالمي.
وسخّرت المليشيات كل إيرادات الدولة في مناطق سيطرتها لخدمة الجماعة، فأقرت تحرير تجارة وتوزيع المشتقات النفطية، لخدمة الشركات التي أنشأتها قياداتها، واحتكرت مجال استيراد الوقود، وفرضت على المواطنين أسعارًا مرتفعة.
القطاع الخاص
يُعد القطاع الخاص أحد أهم الروافع الهامة لاقتصاد أي دولة. ومنذ الانقلاب، تعرض القطاع الخاص للتضييق والتنكيل والملاحقة وإجراءات الإغلاق والمصادرة والنهب وتجميد الأرصدة والمحاكمة، والاعتداء وعدم تساوي فرص المنافسة، مع زيادة الجبايات والإتاوات المفروضة من المليشيا الحوثية على الشركات الوطنية، مقابل إعفاءات ضريبية وجمركية تمنحها المليشيات للشركات التابعة لقياداتها.
سنت المليشيات، كذلك، تشريعات غير دستورية رفعت بموجبها النسب الضريبية والجمركية، واستحدثت منافذ جمركية، لإعادة جمركة البضائع والسلع، وإجبار التجار على دفع الضرائب للمرة الثانية، مضاعفة تكلفة وصول السلع إلى المستهلك النهائي، ناهيك عن فرض قوائم سعرية، ما أسهم في رفع مخاطر استمرار أنشطة القطاع الخاص في ظل البيئة المشوهة التي فرضتها المليشيات، ودفع أغلب التجار لمغادرة اليمن، أو في أحسن الأحوال تقليص أنشطتهم.
ارتفاع الأسعار
ارتفعت أسعار السلع الأساسية في اليمن بنسبة وصلت إلى 560 في المائة في العام 2022م، مقارنة بالأسعار التي كانت سائدة في العام 2015م، وفق تقرير توقعات الأمن الغذائي في اليمن؛ بفعل انكماش الاقتصاد اليمني وتراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهجرة رأس المال المحلي، ما دفع 19 مليون يمني لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يواجه 10 ملايين يمني خطر المجاعة.
أسعار الوقود ارتفعت هي الأخرى، بنسب كبيرة، حيث ارتفع سعر جالون البنزين من 3500 في العام 2014، إلى 25 ألف ريال في الأسواق السوداء بمناطق سيطرة المليشيات الحوثية. فيما وصلت قيمة أسطوانة الغاز إلى 9 آلاف ريال مقارنة بـ1300 ريال قبل الانقلاب.
وتزامن ارتفاع الأسعار مع تدني القوة الشرائية للعملة اليمنية، وانقطاع المرتبات، وارتفاع نسب البطالة، ما فاقم الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمنيين.
التعليم والصحة
وفي مؤشرات الاقتصاد الكلي، فقد دمرت المليشيات أكثر من 3500 مدرسة، وحولت غالبيتها إلى ثكنات عسكرية لعناصرها، وساحات للتدريب وتجنيد الأطفال. وبعد أن كان نحو خمسة ملايين طالب ينتظمون في المدارس الأساسية والثانوية قبل الانقلاب؛ أكدت تقارير حقوقية أن مليوني طفل يمني بدون مدارس.
كما قطعت المليشيات مرتبات المعلمين والتربويين والأكاديميين، وفصلت عددًا كبيرًا منهم واستبدلتهم بعناصرها، وأجرت تحريفات عديدة في المنهج الدراسي، وحاولت تزييف وعي الجيل الناشئ.
وأكدت تقارير حقوقية أن 17 مليون يمني لا يحصلون على الرعاية الصحية اللازمة منذ الانقلاب الحوثي، حيث تفشت الأمراض والأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال، إثر نهب المليشيات موزانات الهيئات والمستشفيات، وتعمدها تدمير القطاع الصحي لصالح المشافي الخاصة التابعة لقياداتها، والتي تقدم التطبيب بأسعار تفوق كثيرًا قدرة المواطنين المطحونين بين حجرَي رحى حربها ونهبها.