تقرير إخباري| حراك دبلوماسي جديد لتمديد الهدنة غير المعلنة وتهديدات حوثية تجسد أزمة المليشيا المركبة
عاد الحراك الدبلوماسي الهادف إلى إنهاء الحرب في اليمن إلى واجهة الأحداث، بعد زيارات قام بها مسؤولون أمميون، ومسؤولون من الدول الإقليمية الداعمة للمفاوضات السياسية الهادفة لإنشاء حل سياسي ينهي ملف الحرب اليمنية المشتعلة منذ أكثر من ثماني سنوات.
في السياق، وصل وفد من سلطنة عمان إلى مطار صنعاء الدولي، اليوم الخميس، لإجراء مباحثات مع جماعة الحوثيين، بشأن تجديد الهدنة واتفاق سلام شامل.
وجاء وصول الوفد العماني إلى صنعاء بعد يومين من زيارة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى مسقط، وعقده لقاءات مع المسؤولين العمانيين، وكذا مع رئيس وفد الحوثيين المفاوض المدعو محمد عبدالسلام.
وأعلن المبعوث الأممي، في تصريحات صحفية، أنه ناقش مع المسؤولين العمانيين سُبل تقديم دعم متضافر للأطراف في اليمن لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، معبراً عن امتنانه لدور سلطنة عمان البنّاء ودعمها الثابت لجهود وساطة السلام التي تضطلع بها الأمم المتحدة.
وتأتي زيارة الوفد العماني في إطار الجهود العمانية الهادفة لتجديد الهدنة الإنسانية، والتمهيد لاتفاق سياسي ينهي الحرب في اليمن.
المحلل السياسي عبدالله الدهمشي قال لوكالة "2 ديسمبر"، إن الحراك الدبلوماسي على المستويين الإقليمي والدولي يأتي بعد فترة جمود غير مبررة، بتوضيح للعوامل التي أعاقت جهود التوصل إلى توافق حول مقترحات الهدنة الأكثر شمولاً، والحراك المفاجئ الآن لا يستند إلى مقدمات واضحة في بيان المستجدات التي يراهن عليها في تجاوز التعثر السابق، وإنجاز اختراق حقيقي على مسار إقناع الحوثيين بقبول الإطار النظري المقترح للحل السياسي في اليمن، وبالتالي فنحن أمام جولة جديدة من النقاشات التي تتم بعيداً عن الإعلام، لكنها قد تنجح في منع انهيار حالة خفض التصعيد القائمة منذ هدنة أبريل 2022م.
ويشير "الدهمشي" إلى أنه ضمن سياق العمل على إحياء مسار المساعي الرامية إلى إنجاز هدنة موسعة، تواصل سلطنة عمان وساطتها بعد تعثر جهودها السابقة في مسار النقاشات بين الحوثيين والسعودية، والملفت للنظر أن هذه العودة العمانية تأتي بطلب من الحوثيين الذين قدموا لفريق الوساطة العماني قبل أسبوعين مقاربات جديدة ومختلفة عن موقفهم السابق، حيث من المحتمل أن يكون الحوثيون قد تراجعوا عن الشروط التعجيزية، وقدموا تنازلات أقنعت فريق الوساطة العماني بمواصلة مهمته بدءاً من زيارة صنعاء للحصول على تأكيدات حوثية عليا ملتزمة بالمقاربات الجديدة.
وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينج، قد التقى برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، في مقر إقامته بالعاصمة السعودية، ضمن المساعي الدولية لإحياء مسار السلام في اليمن.
العليمي ناقش، خلال لقائه بالمبعوث الأمريكي "ليندركينج" وسفير واشنطن لدى بلاده ستيفن فاجن، "مستجدات الوضع اليمني، والجهود الرامية لإحياء مسار السلام في ظل تعنت جماعة الحوثي.
وجدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزامه والحكومة بنهج السلام العادل وفقاً للمرجعيات المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا، مشددا على أهمية تكامل كافة الجهود لتجديد الهدنة، وإطلاق عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وطالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي المبعوث الأمريكي إلى اليمن والمجتمع الدولي بـ"ممارسة الضغوط الدولية القصوى لإنهاء إعاقة الحوثيين لكافة المبادرات لدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها المسلحة".
وقال العليمي، إن هذا هو الوقت المناسب لممارسة الضغوط الدولية القصوى لإنهاء عبث جماعة الحوثي، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك إعاقة كافة المبادرات لدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، والذهاب إلى استهداف المنشآت النفطية بهدف إغراق البلاد في أزمة إنسانية شاملة.
وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي خلال اللقاء "من تخادم صريح بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية، وتداعيات ذلك على فرص السلام في اليمن"، مشددا على أهمية تضافر كافة الجهود لمواجهة هذا التهديد الخطير للسلم والأمن الدوليين.
في سياق متصل، يجري وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان زيارة إلى الرياض هي الأولى له منذ عودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين في مارس الماضي، ومن المتوقع أن يكون الملف اليمني ضمن أهم الملفات التي سيتم مناقشتها بين الجانبين.
وقال التلفزيون الإيراني، إن الزيارة ستستمر يوما واحدا، وستركز على العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية ودولية.
وفي هذا السياق يؤكد "الدهمشي" أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض مرتبطة بمسارات الأزمة اليمنية، وبعودة الاهتمام الإقليمي والدولي بالأوضاع الراهنة، وذلك ضمن معطيات بيان بكين حول استحقاقات عودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران، ولا أستبعد دور إيران في استدعاء الحوثيين عودة الوساطة العمانية، وما عرضوه على العمانيين من موقفهم الجديد حول قضايا الخلاف التي كانت سببا في فشل الجهود السابقة.
وتستمر التحركات الدبلوماسية الهادفة لتمديد الهدنة الإنسانية، والبحث عن انفراجة للأزمة اليمنية على عدة مستويات، وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع تهديدات حوثية بالتصعيد العسكري، حيث أكد وزير الدفاع في حكومة الحوثيين غير المعترف بها "محمد ناصر العاطفي" أن جماعته أعدت العدة وهناك أسلحة جديدة ستعلن عنها القيادة في الوقت المناسب.
وفي هذا الصدد يشير "الدهمشي" إلى أننا لن نشهد نجاحا قريبا للجهود الديبلوماسية على أي مسار، وأن هذه الجهود ستنتهي عند ضمانات بقاء الوضع باليمن في حالة خفض التصعيد، أما تهديدات الحوثيين فهي مظهر من مظاهر أزمتهم المركبة من العجز العسكري والغضب الشعبي المتزايد، كما أنها مقيدة بالمصالح الإيرانية التي تتجنب في هذه المرحلة المواجهات مع الجوار، أو مع القوى الدولية الكبرى، ولو من خلال استخدام الجماعات الوظيفية التي تتبعها في المنطقة، ومنها الحوثيون في اليمن.