كانت التدوينة التي نشرها العميد طارق صالح، على منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" في عيد ميلاد نجله البكر ورفيقه وصديقه "عفاش"- حسب تعبيره- الذي يقبع في المعتقل الحوثي للعام السادس على التوالي؛ مؤلمة ومثخنة بالحزن، لكنها كاشفة عن إرادة وطنية صلبة ورباطة جأش وتضحية ونضال وفداء من أجل الوطن المفقود.
 
ورغم أنها تغريدة مقتضبة، إلا أنها لخصت الوعي السياسي  لصاحبها العميد طارق صالح ، ورؤيته للقضية الوطنية الجوهرية، وذلك بقوله: "واليوم فإن أشواقنا إليك هي شوق وطني عظيم يمثل كل اليمنيين إلى وطنهم الحر الآمن المستقر الملتزم بعروبته وجمهوريته"، فينبئ هذا التعبير عن الهدف والحلم الكامن في أعماق كل يمني جمهوري حر شغوف بوطن حر آمن مستقر، معتز بعروبته وجمهوريته، تلك السمات المثالية التي سلبتنا المليشيات الحوثية إياها وحولت وطننا إلى رماد.
 
لا شيء أكثر ألماً من بقاء فلذة كبدك ونور عينيك معتقلاً في سجن أقذر عصابة إجرامية عرفها تاريخ اليمن قديمه وحديثه، عصابة لا تقيم للأخلاق الإنسانية ولا للأعراف والقوانين الدولية وزناً، ومع ذلك ما زلتَ شامخاً كالجبال، صامداً في مبادئك وقيمك الوطنية، ساعياً في سبيل تحرير الوطن من هذه الآفة السلالية، دون ضعف أو هزيمة، وإنما يشرق الوطن من أقصاه إلى أدناه في عينيك ويلمع بريقه في خيالك، كأنما يناديك منقذاً وفاتحاً عظيماً حمل على عاتقه هذا الهم الوطني كإرادة شعب وخيار وحيد لا ثاني له.
 
شخصياً، لم أكن أعلم أن عفاش طارق ما زال في المعتقل المليشاوي، فضلاً عن أن تغريدة والده هزتني من الأعماق، وأثار انتباهي التحدي والثبات اللذان تضمرهما هذه الرسالة من أب وقائد وطني، دون أن تُضعف مشاعر الأب عزيمة القائد وترخي همته وصلابته، فكل إنسان في مثل هذه السياقات يوهن وينهد ويعتم الوجود في نفسه، وحدهم الأبطال لا يعرفون الخنوع، ولا تذبل عزيمتهم في شهيد لهم أو سجين، وإنما يكون ثباتهم مغايراً، وعزيمتهم حديدية، حيث لا تتغلب العاطفة على العقل في كياناتهم؛ لأنهم لا يفكرون مثلنا كأفراد وجنود وإنما كقُادة وأبطال وطنيين، إرادتهم هي إرادة وطن، وأحلامهم هي أحلام شعب، والوطن في نظرهم أجلّ وأقدس من الذات ومصلحتها الخاصة.
 
هكذا تراءت لي سمات البطل وشكيمة القائد وهموم الفارس الشجاع والوطني الغيور في تلك الكلمات العميقة والجُمل الهادفة في تغريدة طارق صالح، التي امتزجت فيها عاطفة الأب وطموح القائد؛ لتبعث الثقة واليقين والأمل في قلب كل يمني تجرع الألم السلالي وثقب الحزن قلبه بالأسى، لكنه لم ينفطر فاتسع نضاله وتدفقت غاياته كالسيل لبلوغ أقصى مداها في المستقبل القريب.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية