على الرغم من استمرار الهدنة وفتح ميناء الحديدة أمام الواردات؛ إلا أن مليشيا الحوثي سخّرت كل ذلك لصالح مشروعها التدميري، متجاهلة كعادتها أوضاع المواطنين، فضلًا عن الاستمرار في فرض الجبايات وحرمان الأهالي منها، إلى أن غدت بوادر مجاعة غير مسبوقة توشك على الظهور للعلن.
 
ففي العاصمة المختطفة صنعاء، يصطف على أبواب المطاعم والمخابز المئات يوميًا، ممن يبحثون عما يسد رمقهم من بقايا الطعام، بعدما استشرى الجوع، واستحكم الفقر بالسكان.
 
وخلال الأسابيع الماضية، تزايد أعداد القابعين على أبواب المطاعم باحثين عما يمكن أن يحصلوا عليه من بقايا الطعام، بصورة وصفها سكان محليون بأنها مؤشر على مجاعة كبيرة ستشهدها مدينة صنعاء، بعدما ضيّقت المليشيا التابعة لإيران على المنظمات الإغاثية، وقطعت المرتبات وحرمت الناس من الأعمال.
 
سامي أحد أهالي صنعاء، يلخص حجم المأساة التي يعيشها سكان العاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي قائلاً: "أصبح وضع الناس سيئًا للغاية؛ في السابق كنا نتناول وجبات الطعام في محلاتنا التجارية، ونترك بقايا الطعام داخل أكياس تعلق على الأبواب، حتى يأتي أحد الفقراء ويأخذه؛ أما الآن فإن الفقراء ينتظرون أمام أبواب المحلات حتى ينتهي العمال من تناول طعامهم ليهبّوا مسرعين لأخذ البقايا".
 
يضيف: "يأتي إليّ شباب كل يوم يبحثون عن عمل بالمحل، مقابل ضمان الحصول على الوجبات الغذائية والسكن فقط، وأعدادهم تتزايد بشكل يومي".
 
 من جهته، يحكي ماجد، مكتفيًا بإعطاء اسمه الأول، لـ"2 ديسمبر" قصة تلخص مأساة إنسانية يعيشها سكان المدينة بالقول: قبل أسبوع كنت أتناول ساندويتش في سيارتي عند جسر مذبح، فهرع إليّ رجل طاعن في السن وطلب مني أن أعطيه نصفه، قائلًا لي إنه "ميت من الجوع".
 
يضيف أن مؤشرات الواقع في المدينة تؤكد أن السنة الجديدة (2023) ستشهد مجاعة كبيرة، وغير مسبوقة خصوصًا في ظل ما تقوم به مليشيا الحوثي من ممارسات تضاعف المأساة، من بينها مضايقة المنظمات الإغاثية، وتحويل المساعدات إلى عناصرها.
 
الباحث والمتخصص الاقتصادي وفيق صالح، يقول لـ"2 ديسمبر"؛ إن الوضع المعيشي في الوقت الراهن تحت سيطرة مليشيا الحوثي مقلق للغاية، خصوصًا مع مساعي المليشيا لتعطيل كثير من عناصر الإنتاج ونهب المساعدات الإنسانية، وتدني القدرة الشرائية للمواطنين.
 
ويرى صالح أن مناعة المواطن تحت سيطرة أذرع إيران ضد الأزمات الاقتصادية، تضعف أكثر كل يوم في ظل انهيار الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع العالمية، مشيرًا إلى أن العوامل الداخلية المتمثلة بفرض الجبايات والإتاوات المالية على النشاط التجاري من قِبل مليشيا الحوثي، هي الأكثر تأثيرًا على حياة المواطنين.
 
مضيفًا أن معالجات الأزمة الاقتصادية لا تتعلق فقط باستمرار أو وقف الحرب؛ إذ إن الأسباب ترجع إلى استمرار الحوثي في نهب موارد الدولة، ورفضها صرف رواتب الموظفين وسياستها الإجرائية بتعطيل كل عناصر الإنتاج.
 
وكان خبراء اقتصاديون أكدوا أن استمرار مليشيا الحوثي بنهب رواتب الموظفين، وفرض الجبايات، ونهب إيرادات مؤسسات الدولة، واتباعها سياسات التجويع؛ سيؤدي إلى حدوث مجاعة وشيكة في مناطق سيطرتها.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية