تصاعد حالة الاحتقان الشعبي العام في مناطق سيطرة الحوثيين يلوّح بانفجار مفاجئ وحتمي يكتسح تسلط الكهنوت  على اليمنيين.
 
 حالة احتقان يغذيها الفقر والجوع والخوف، مقابل القبضة الأمنية لمليشيا الإرهاب، في ظل دعوات متكررة للخروج الشعبي العارم للتظاهر والرفض، خصوصًا بعد قيام سلطة الطغيان الطائفي باعتقال الناشطين وتهديد الأصوات الشعبية المعبّرة عن واقع الناس واحتقانهم. 
 
مليشيا الحوثي، وعبر أبواقها ووسائلها الإعلامية المُجيّرة لكل أجهزة الدولة، تشعر بالخطر الحقيقي على وجودها، لهذا تلجأ لتخوين كل الأراء المنتقدة لها ولفسادها الكبير، تُهم الانخراط في مؤامرة الأوهام البعيدة عن الحقيقة، جاهزة تمامًا لكل من يجرؤ على الاعتراض والفضح، ولكن وبالرغم من هذا تبقى الشجاعة الشعبية واليقين المجتمعي العام مدركة لهشاشة السلطة، بينما تمارس التخويف والتخوين والترهيب كسلاح أخير، بالفعل قد تتلاشى الأصوات وتختفي المعارضة، بين فينة وأخرى، ولكن لتعود شعبيًا بشكل أكثر تصاعدًا قابل الانفجار في أي لحظة. 
 
المتتبع يدرك عدة عوامل مخيفة ومجنونة ومستفزة جدًا؛ فإلى جانب الانعدام المعيشي للناس، ووصولهم لحد الفقر المدقع والجوع المهدد لحياتهم وحياة أسرهم وأبنائهم، ستجدون عمليات نهب الأراضي والمرافق الخاصة بالمواطنين والقبائل عبر ما يسمى باللجنة العسكرية بحُجة أنها تتبع الدولة، وبالمثل لجنة ما يسمى بالأوقاف، و"مؤسسة الشهداء".. نهب أراضي المواطنين ومزارعهم بآلاف الهكتارات، في كل المناطق والنواحي القابعة تحت سيطرتهم، باستخدام القوة المفرطة، أسلحة ثقيلة ومتوسطة ومختلفة، أطقم ومدرعات وجيش من المسلحين الملثمين، مسلحين يشبهون العصابات الإجرامية المنتقمة، يضربون المواطنين بالقوة ويختطفون الملّاك وأبناءهم ويخفونهم في سجون سرية لا أحد يعرفها أو يصل إليها، كما حصل في مديرية بيت الفقيه وباجل والتحيتا بمحافظة الحديدة، وفي بني حشيش وهمدان بمحافظة صنعاء، وفي الجوف وذمار وإب. 
 
وبشكل متصل، ما تقوم به اللجنة المسماة بالعدلية، التي تم تأسيسها برئاسة المدعو محمد علي الحوثي، في العام 2018، خصوصًا بعد انتعاش نسبي السوق العقاري على المستويين؛ الخاص والعام في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو انتعاش طفيف، لكنه حرك شيئًا من الفرص التشغيلية للناس والمواطنين، لتقوم السلطة الحوثية المنتقمة من اليمنيين بقطع هذا السبيل عبر اللجنة العدلية، وعليه قاموا باعتقال الأمناء والكُتاب العقاريين، وهددوا الباقين، ومنعوا أيّ عملية للبيع والشراء، وقتلوا الانتعاش المبني على تحرك سوق العقارات، وأوجدوا قوانين جديدة تشمل المناصفة في أي بيع، وموافقة سلطوية على أي إرادة للبيع، وهذا بالفعل شكل ممنهج للنهب والاستغلال والقتل الممنهج لسبل الناس في المعيشة. 
 
وعلى هذا يتم القياس والتمثيل في كل ما يخص المنهجية الحوثية المنتقمة من كل إرادة عامة بالحياة، وإن حاولوا إبراز بعض ممارساتهم التي يدعون أنها إصلاحية ومن باب محاربة الفساد ومراعاة المواطنين، إلا أن ما يظهر حقًا أنها طرق مستفزة ووقحة أكثر، فمثلًا خلال الأونة الأخيرة قاموا بإغلاق العشرات من الأفران والمخابز بحُجج أنها لا تتقيد بالسعر الرسمي لرغيف الخبز، وهو السعر الذي حددوه هم، بحيث يقضي على أصحاب المخابز ويجعلهم مرغمين على الإغلاق؛ ذلك أنهم فرضوا سعر قيمة كيلو الخبز الواحد 1000 جرام بمبلغ 450 ريالًا، وفي المقابل سعر الكيلو الدقيق الواحد من تجار الدقيق يساوي 500 ريال، وبهذا فإن أصحاب الأفران لا يعرفون كيف يمكنهم شراء دقيق بسعر أكبر من قيمة البيع! هذا يعني خسارتهم، وعليه قيسوا ما يخص الكهرباء والماء وبقية الخدمات. 
 
الحوثي يلجأ للضغط على التجار للتخفيف من وطأة الاحتقان عليه، يلقي بثقله على رؤوس الأموال، في ممارسات سياسية تنتهي بلا شك بقتل المواطن ورحيل التاجر، ولكن اليمني لن يموت في بيته، والتاجر الذي سيتوقف عن التجارة يدرك أكثر من غيره أن سلطة الجبايات زائلة؛ لهذا الجميع ينتظرون، المواطنون يخافون بالفعل، لكنهم حتمًا سيصلون لمفارقة تشبة المعجزات المبنية على خيارين؛ إما أن تواجه قدرك، أو تنتظر حتى ينفجر القدر.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية